عمر الأنسي
لا تعتب الوَغد اللَئيم إِذا أَسا * وَاِصبر عَلى مرِّ الإِساءة وَالأَسا
فَلرُبَّ عَتبٍ لا يفيدُ سِوى العَنا * أَو أَن تُهان بِهِ النُفوس فَتبخَسا
لا ذَنبَ إِلّا لِلزَمان فَقَد بَغى * حَتّى دَعا الأَذناب أَن تَتَرأسا
تَبّاً لَهُ زَمَناً لَو اِستَقضيته * حَقّاً لَكانَ مِن اِبنِ يَوم أَفلَسا
زَمَن يُؤخّر كُلّ رَبّ شَهامَةٍ * وَيُقدّم السفهاء أَن تَتَحَمَّسا
زَمَنٌ بِهِ ذلّ الأُسود كَما بِهِ * عزّ الكِلاب جُرأةً وَتَفرّسا
زَمَنٌ بَنى بَيت الكَمال عَلى شَفا * جُرُفٍ وَبَيت النَقص شادَ وَأَسَّسا
زَمَن تنكّر كُلّ مَعرفة بِهِ * أَوَ ما تَرى علَمَ العُلوم مُنَكَّسا
أَوَ ما تَرى مَن كانَ خَير منعَّمٍ * أَمسى بِبَأساء الخُطوب مبأّسا
أَو ما تَراهُ قَد اِدلهمَّ بخطبهِ * حَتّى أَراك مِن السِنين الحرمسا
يَلقى اللَئيم بِوَجهِهِ مُتَبَسِّماً * حَتّى إِذا لَقيَ الكَريم تَعبَّسا
زَمَنٌ دَعاني أَن أُقابل وَجهَ مَن * لَو قابل البَحر الخضمّ لنجّسا
فَفطنت مِن خلل الستار بِكُلّ ما * شَيطانه في صَدرِهِ قَد وَسوَسا
مَكر لَو اِبتليَ الصَباح بذرّةٍ * مِنهُ لَعادَ عَلى البَديهة حُندسا
وَلوَ اِنّ إِبليس اللعين أَتى لَهُ * وَرَأى حَبائل مَكره لتحرَّسا
حَتّى ظَهَرتُ لِوجهِهِ فَرَأيتهُ * قَد خمَّس الفكر الخَبيث وَسدَّسا
وَلَقد أَحالوني بِقبض دَراهمٍ * مِنهُ عَلَيهِ فَحينَ لَم يَستأنِسا
وَلّى وَقَهقهر وَاِكفهرّ بخلقةٍ * شَخناءَ تَكسوها الدجنّة عنجسا
وَأَبى وَفكَّرَ ثُم قَدَّرَ ثُم أَد * بَرَ باسِراً فَغَوى فَضلّ فَأَبلسا
وَطَمعت مِنهُ بِفَجر وَعدٍ كاذبٍ * فَرَأَيت لَيل الخلف طالَ وَعَسعَسا
لَمّا دَعاهُ قَومهُ بِاِبن الخَنا * غَلطاً وَكانَ أَذلّ مِنهُ وَأَنجَسا
أَضحى يُعارضهم فَأَنكَر وَاِدَّعى * نَسَباً وَكانَ بِما اِدَّعاهُ مدلسا
وَاِعتادَ أَكل البعر حَتّى ظَنَّهُ * أَحلى مِن الرطب الجنيِّ وَأَسلَسا
وَربا فَكانَ إِذا تَمرّض طَبعه * وَأتوا بِهِ كَي يَعرضوه عَلى الإِسا
وَصَفوا لَهُ بَول الكِلاب تَرشّفاً * قَبل المَنام وَبَعد ذَاكَ تَغطّسا
وَعقيب ذَلك أَن يَكون غِذاؤُهُ * مِمّا سلحنَ تَمعلكاً وَتَمعلسا
يا أَرذل القَوم اللئام إِلى مَتى * أَملي يَعلّله لعلَّ وَهَل عَسى
كَلّفتني نظمَ الهِجاء وَلَم يَكُن * دَأبي وَلَكنَّ الأَسى لا يُنتَسى
وَلَقد أَتَتكَ فَريدة لَو شامَها * إِبليس يا اِبن الأَرذلين لأُبلسا
قابلت طولك يا بَليد بطولها * بَل لَيسَ مَوضوع هُناكَ فَيعكسا
وَتَعجرفت أَلفاظها بِمعجرفٍ * فَهيَ العملّس حَيث كُنت غَملّسا
لَكنّ مَعناها أَرَقّ مِن الصبا * لطفاً لَدى مَن بِالقَريض اِستَأنَسا
تَشتمُّ نَشر عَبيرها فَكَأَنَّما * تَشتمّ مِن رَوض العَباهر نَرجسا
وَإِذا أَساءَ إِليّ مثلك أَنشَدَت * لا تعتب الوَغد اللَئيم إِذا أَسا
تعليقات
إرسال تعليق