4- قبائل تشترك مع الزرانيق في الأرض و التاريخ و المعتقد و الفلكلور و العادات و التقاليد و ارتضت الانضواء في الاتحاد الكونفدرالي " الزرانيق " لأغراض الحماية و المكاسب الاقتصادية
لهم مشائخهم .
4- قبائل تشترك مع الزرانيق في الأرض و التاريخ و المعتقد و الفلكلور و العادات و التقاليد
و ارتضت الانضواء في الاتحاد الكونفدرالي " الزرانيق " لأغراض الحماية و المكاسب
الاقتصادية و الأواصر الاجتماعية كالقراشيه و الأشاعرة و لهم مشائخهم .
فكل ما سبق من مغارم " فروع " و أصول و قبائل تشكل الاتحاد الكونفدرالي الزرنوقي
و الذي كان يرأسه " شيخ مشائخ الزرانيق " كما تحكي وثيقة هامة حصلت عليها و تعود إلى
. سنة 1315 ه الموافق 1897
مشيخة الزرانيق .يقوم النظام القبلي السياسي على أساس وجود شيخ يقود التكتلات و البنى الاجتماعية و من
هذا المنطلق نجد أن الزرانيق يقودهم مشائخ و شخصيات كارزمية و مقادمة حسبما سنذكر
في مبحث " التكوين الطبقي للزرانيق " .
و هؤلاء تميزوا بصفات قلما تميز بها غيرهم مثل الدهاء و الحنكة و السياسة و مدارة الأمور
فضلا عن الشجاعة و البطولة و الكرم و إغاثة الملهوف و إجارة المظلوم ...الخ .
و هذا ما أثار إعجاب الأدباء و الكتاب ، يقول أمين الريحاني : " أما شيوخهم فلا ينقصهم في
السياسة ختل و دهاء . هم دائمًا يمثلون في رواية تهامة السياسة "
و من أقدم المشائخ الذين ذكروا في تاريخ العصر الحديث هو الشيخ الهبه علي شيخ الزرانيق 1225ه
و الحقيقة أن شخصية الهبه علي هذا هي شخصية كارزمية غامضة بل و يعد عند الزرانيق
ميثولوجية بكل ما تحمله هذه الكلمة من مفهوم ، فمشائخ الطرفين : الطرف الشامي و الطرف
اليماني يدّعيان انتسابهم إليه ، فالفواشق – و هم مشائخ الطرف اليماني – يقولون أن الهبة
علي هذا هو جدهم و ما هو إ ّ لا الهبة علي فاشق ،
و المعاريف – مشائخ الطرف الشامي – يقولون بل هو جدهم الأعلى و ما هو إ ّ لا الهبة علي معروف و هنا كان على المؤلف استقراء الوثائق و استفهام المعمرين و إطلاق العنان لهم للوصول إلى الحقيقة و مقارنتها بكتب التاريخ في تلك الفترة ، فالرجل كان له تاريخ و تأثير في تاريخ تهامة ، فكيف كان مقتله ؟.
يذكر النعمي و هو مؤرخ تهامي في " حولياته التهامية " مقتل الشيخ الهبة علي بقوله :" و لما
كان سنة 1225 ه/ 1810
قدّم الشريف حمود بن محمد ومعه قبائل يام لحرب الزرانيق وحصل الحرب بينهما ، فلما ُ غلِب
شيخهم الهبة علي أحرق الجبخانة على أولاده و من في القلعة و خرج و قتل "
أما المؤرخ لطف الله بن أحمد جحاف و هو مؤرخ زيدي
فيذكر الحدث ضمن أحداث فيقول : " و فيها – ربيع أول – وجه حمود على قبائل الزرانيق طوائف
من يام و غيرها فالتحموا قتا ً لا شديدًا ، و انجلت عن خمسمائة قتيل من الزرانيق و ثلاثمائة
من يام ، و قتل من الزرانيق رئيسها ، و عاد كلٍ من الجيش بلده
مشائخ الطرف الشامي .
مشائخ الطرف الشامي هم آل معروف ، و مقرهم قرية القوقر ، و أصلهم من بيوت
المعاريف و هي قرية تقع بين جنوب بيت الفقيه ، و المعاريف فرع قوي و كبير في
الزرانيق و ممتد بين الطرفين " الشامي و اليماني " .
و
من خلال دراسة لتسلسل مشائخهم ، بدءًا بالشيخ الهبة علي ( معروف ) حتى الشيخ منصر
معروف في 1918 و هم على النحو التالي :
-1 الشيخ الهبة علي معروف بدءًا من 1263 ه .
-2 الشيخ حسن بن إسماعيل بن الهبة علي معروف .
-3 الشيخ احمد بن حسن بن إسماعيل بن الهبة علي معروف .
-4 الشيخ الجروب بن حسن بن إسماعيل بن الهبة علي معروف .
-5 الشيخ بكر بن الجروب بن حسن بن إسماعيل بن الهبة علي معروف .
-6 الشيخ منصر بن منصر بن حسن بن محمّد بن الهبة علي معروف .
-7 الشيخ يحيى بن منصر بن منصر بن حسن بن محمّد بن الهبة علي معروف .
التكوين الطبقي للزرانيق .
تتسم البنية الطبقية لدى الزرانيق بتركيبة اجتماعية متولدة منذ القدم ، و بالاختلاف
الجذري في قمة هرمتيها الطبقية عن بقية القبائل اليمنية ، بل و عن عاصمتها بيت الفقيه ،
و هذه التراتيبية في البنية الطبقية الاجتماعية
تجعل " المقادمة " و هم – كما سنرى – رجال الحرب و المشورة فهم الذين يقودون الزرانيق فعليًا و عن إن كان المشائخ على رأس الهرمية الطبقية "
" فالمقادمة هم بمثابة مجلس شوروي لا يخرج " المشائخ " عن رأيهم ،
و تتسم البنية الطبقية أيضًا – كما قلنا – باستبعاد " المناصب " و هم القادة الروحيون عن قمة الهرمية الاجتماعية ،
فالزرانيق رجال حرب و كر و فر لا يخضعون لأحدٍ اطلاقًا إذا ثاروا .
و هذه السمات للخصوصية الزرنوقية في تركيبة بنيتها الطبقية هي التي جعلت الغزاة يتركون
الزرانيق و شأنهم و يسعون إلى مراضاتها و مسالمتها و تجنب المساس بها .
و قد توصل المؤلف إلى التركيبة الاجتماعية للزرانيق من خلال المسح الميداني و اللقاءات
المتعددة مع كل البنى الطبقية و خرج بهذه التراتيبية و هي كما يلي :-
-1 المشائخ .
و الشيخ له دور رئيسي عند القبائل ، و يمثل الرأس و هو المتحدث باسم مجموعة القبيلة و الذي عليه
مواجهة السلطة الإكراهية للدولة "
و يمثل " قمة الهرم الاجتماعي في البنية القبلية " و له صلاحيات واسعة عند الزرانيق و بشكل عام
عند بقية قبائل اليمن
و لدى الزرانيق – كما ذكرنا – شيخين ،
شيخ للطرف الشامي " الشمالي "
و شيخ للطرف اليماني " الجنوبي " ،
-2 المقادمة .المقدمي أو بلهجة الزرانيق " المجدمي "
و هو الذي يقدم الأشياء و يقتحم الأمور، يتقدم الناس و يمشي في الحروب قدمًا
و هؤلاء يمثلون المحرك الحقيقي للزرانيق ، وما على المشائخ إّ لا إتباعهم و
تنفيذ ما يرونه صحيحًا و مناسبًا .
فهم مجلس شوروي ، يتناقشون و يتبادلون الآراء و يستعرضون المواقف ثم يخرجون برأي
مجمع عليه في أي شيءٍ يخص الزرانيق سواء كان خطرًا أو كارثة أو نزاعًا ...الخ
.
و يمثل كل فخذ قوّي من الزرانيق عضوٌ واحد و هذا الفخذ قد يشمل فروعًا متعددة من
الزرانيق فالقباصية – مثلا – لهم عضوٌ واحد و إن تعددت أسمائهم
و كذا الجنادية و الصرادحة و المشاهير ... و هلم جرا .
و للمقدمي صفات متعددة و أهمها على الإطلاق هي الشجاعة و البطولة و الإقدام في الحروب
و الشهامة ، و هناك صفات أخرى كالكرم و البذل و العدل ...الخ .
و كثير من المقادمة ذو صفات بدنية متميزة من حيث الحجم و الطول و إن كان هذا المعيار
ليس دائمًا المقياس كما رجح بعض المعمرين الذين التقاهم المؤلف
و بعض المقادمة يحتلون مناصب العقال و لكن ليس ذلك دائمًا ،
و المقادمة أصحاب أراضي واسعة و ملكيات كبيرة و ثروة ،
ولكن المقدمي أيضًا مزارع ...يحرث و يبذر و يرعى دوابه .. و هو مقاتل شرس و عنيد أيضًا .
و هذه الطبقة يمكن أن يصل إليها الفرد الزرنوقي إن أظهر صفات كاريزمية
لفتت إليها أنظار فخذه ثم قبيلته ،
و هؤلاء المقادمة هم في كثير من الأحيان من أصحاب الملكيات الواسعة
و لكن ذلك ليس بصفة دائمة ، فأصحاب الملكيات الواسعة قد يكونون المشائخ أو المقادمة
أو المناصب أو الفلاحين إذا استكثروا من شراء الأراضي و استصلاحها .
-3 المناصب .
و المناصب في اللغة " الأصل و المرجع و الذي يرجع إليه الناس "
ثم يضيف المرتضى الزبيدي وهو " تهامي " و يدرك ما يحمله هذا المعنى فقال في " تاج العروس "
ما يلي : " و المنصب لغة : الحسب و المقام ، و يستعار للشرف أي : مأخوذ من معنى
الأصل و منه :- منصب الولايات السلطانية و الشرعية ، و جمعه : المناصب ، و في
.
و المنصب كما يقول الدكتور الكسندر كينش : هو الذي يدعو " القبائل المحلية ليكون
حكمًا بينها في نزاعاتها المتعددة . و عليه فإنه سيلعب دورًا رئيسيًا في مفاوضات السلام
بين القبائل المتحاربة و التي تعيش في الأراضي المحيطة و تعترف بسلطته التي يشار
إليها بلفظ " جاه " ، بعبارة أخرى ، يحتل المؤسس ، و من بعده أكثر أفراد سلالته كفاءة ،
مركزًا يسمى " منصب " ، و يقدمون أنفسهم كضامنين لتطبيق شروط اتفاقيات السلام
بين الوحدات القبلية . و لذلك ، عليهم أن يكونوا خبراء بالقوانين و الأعراف القبلية
المعقدة .لا يجرؤ أحد ، على الأقل نظريًا ، على مخالفة القواعد التي حددها المؤسس
أو المنصب ، أو عدم الرضوخ لقراراته ، و يعتبر المخالف هدفًا محتم ً لا لعقاب إلهي
وشيك " ، و في موضع آخر يذكر أنه " من الواضح أن الخوف من انتقام الولي
المتوفى يلعب دورًا هامًا في مثل هذه الحالات ، و يعزز ذلك باتفاق القبائل على اتخاذ
موقف موحد ضد منتهكي الهدنة .و بالرغم من الوقائع العيانية ، تظل السلطة الروحية
.للمنصب ، و المستمدة من سلفه الموقر، آخر ملاذ و يلجأ إليه في النزاعات القبلية "
و المنصب هجرة لا يمسون بسوء أو إهانة و لا يحملون السلاح و يسيرون آمنون من
دون خوفٍ أو وجل لأنه في ضيافة القبائل ،
يقول سرجنت : " ينص القانون القبلي عمومًا ، على أن أي انتهاك لأمن أي مكان تكفل أمنه القبائل يقابل بعقوبات ثقيلة للغاية بحق المذنب ،
و يقع السادة تحت حماية خاصة من قبل القبائل فيدعون " هجرة القبائل " ، لذلك فالسيد محترم
و مهجَّر " أي : محمي حتى من الإهانة ،
و على القبائل تلبية صوته إذا ما هاجمه أحد ، حيث يترتب على الشيخ جمع رجال القبيلة التي يقع تحت
حمايتها للدفاع عنه ، كما أن عليهم استرضاءه بذبح العقائر أمام باب بيته "
ثم يذكر ما يلي : " و بصفته هجرة ليس عليه الاشتراك في القتال أو في تحمل أية مسئولية قبلية إذا
رغب في ذلك و لكنه يستطيع التوسط بين القبائل "
و المناصب يتوارثون اللقب " ان الوظيفة أو المنصب عند العرب وراثية و انتخابية في آنٍ
واحد ، سواء كانت دينية أو زمنية ، فالشيخ و السلطان و الإمام أو المنصب ...الخ كل هؤلاء
منتخب من العائلة التي تقلدت هذه الوظيفة وراثيًا "
و إذا كان المناصب أو المنصوب في حضرموت و بعض المناطق هم من طبقة السادة ، ففي
تهامة – بلاد الأولياء – لا تنحصر طبقة المناصب في السادة و الأشراف فقط بل في
العرب ككل ،
و هذه الطبقة متأصلة في تهامة و منها بلاد الزرانيق
و هكذا المناصب بني الصوفي ، و العطاس ، و العلوي ، و أبكر الأهدل ، و الأهادلة ،
و البحر ، و الدرابيش ، و المقابيل ...الخ في بلاد الزرانيق .
و لكل من هؤلاء أماكن مخصصة معروفة باسم المنزلة ، فهناك منزلة بني البحر و منزلة
بني العلوي و منزلة الصوفي ...و هلم جرًا .
يقول الأستاذ أحمد صالح الجبلي : " ثمة في منطقة تهامة ما يطلق عليه " المنزلة " و هي بيوت خاصة بالأولياء و المناصب و العلماء تتمتع بمكانة رفيعة بين الناس خاصة و أن هؤلاء العلماء و المناصب بمثابة المرجعية الشاملة لحياة الناس " و الواضح أن تأثير المناصب في الحياة السياسية ليس قويًا و لا يلجأ الزرانيق إليهم في الحروب إ ّ لا لاستمداد الدعاء بالنصر على الأعداء و غير ذلك و لا يسمحون بالتدخل لهؤلاء حتى إذا ما أجهدوا قبلوا بتدخلهم في اللحظات الأخيرة ، وهناك تأثير خاص لمناصب مخصوصين فقط ،
وقد أدرك الضابط السياسي جاكوب ذلك وذكر اثنين فقال في كتابه " ملوك شبه الجزيرة العربية ":
فإن رجال القبيلة– أي الزرانيق– يمنحون ولاءهم المباشر لزعيم سيد هو أحمد بن يحيى البحر
الذي يعيش في المنصورية.. بينما يعيش في مينائهم بالجاح سيد و هناك السيد أحمد الشراعي
4 العقال و الأمناء .
العاقل عند الزرانيق هو من يتم اختياره من أبناء قريته ليديرها و مهمته تتمثل في :
-1 حفظ الأمن و الاستقرار في القرية .
-2 حل المنازعات الصغيرة و التي لا تحتاج لتدخل الشيخ .
-3 تبليغ الشيخ و الدولة عن الجرائم الكبرى التي تقع في القرية كالقتل و السرقة .
و العاقل قد يكون " مقدمي " و من أصحاب الملكيات المتوسطة و أحيانًا الكبيرة أو الصغيرة .
أما الأمين فهو الذي يقوم بكتابة العقود العقارية و عقود الزواج ...الخ ،
و يكون من العرب أو السادة و الأشراف فلا فرق في ذلك
و له غالبًا أرض يزرعها و يعمل فيها كالعاقل و المقدمي .
-5 الفلاحون
-6 الشقاة .
و الشاقي هو الذي لا أرض له و يشقى " يعمل " في أرض الغير ، و يصنفون طبقيًا تحت
مسميات " الفلاحين الفقراء أو الفلاحون المعدمون أو العمال الزراعيون
و كلها تصب في معنًا واحد و هو ما اتفق اليمنيون على تسميته ب " الشاقي " ، فهم يعيشون
في القرى وهم من أبناء القبائل و لهم عائلات و منازل يملكونها و لكن لا يملكون
أرضًا " و من لا أرض له في مجتمع زراعي فمركزه الاجتماعي منخفض و يعير بأنه ليس
له سهم إلا في الشمس و الطريق
أما الزرانيق و الذين يعرفون قيمة الأرض و الأرض عندهم معيار ، و العيب كل العيب
حسب ما يقولون أن لا يكون للإنسان أرض ، فهو يعير و يهان و ينظر له بازدراء و أمثلتهم
تمتلئ بالسخرية و الاستهزاء
-7 العبيد .
قد كانت رائجة في العصور الوسطى و الحديثة في تهامة لقربها من الشواطئ الأفريقية و كذا لرغبة
التهاميين في أيدي عاملة رخيصة ثابتة و مستمرة في زراعة الأراضي و الأعمال المنزلية و كذلك
لإظهار المكانة الاجتماعية للشخص المالك للعبيد .
و العبيد من الناحية الاجتماعية مرتبتهم لم تكن في أسفل درجات السلم الاجتماعي ،
إذ أن هذه المرتبة كانت مخصصة لشريحة أدنى مكانة منهم وهم الأخدام مع أن أفرادها " أحرار " .
و من المحتمل جدًا أن السبب في ذلك يعود إلى خصوصية العلاقة بين العبد و سيده . فقد كان
العبد يرتبط ارتباطًا مباشرًا بشخص مالكه و بالتالي فإن أي احترام للعبد إنما هو احترام
لشخص مالكه ، و العكس صحيح و هذا هو وحده – تقريبًا – الذي يفسر لنا ارتفاع مكانة
العبد عند بقية الشرائح الاجتماعية و تدني مكانة الأخدام " الأحرار " ، و العبيد أنفسهم
ينظرون إلى أنفسهم على هذا الأساس و إذا كان العبد فيه صفات السوء كالسرقة و الجبن و الكسل
و القذارة فينزل إلى مرتبة " الأخدام " فيعيش معهم و يتزوج منهم .
-8 الريسأ .
الريسأ هم الحلاقون أو المزينون ، و اللفظة تهامية مفردها رييس بفتح الراء و كسر الياء
وسكون السين وجمعها ريسأ بكسر الراء وسكون الياء ،والأصل اللغوي من رأس و رؤساء .
و اللفظة تستدعي التاريخ اليمني ،
ليحكي أبناء تهامة و منهم هذه الطبقة للباحث قصة التسمية و تقوقعهم في طبقة واحدة ، فيرون أنهم
قديمًا كانوا يحكمون اليمن و أنهم من الأحباش و هم ينحدرون من رؤساء الجيش الحبشي ، ثم انهم
عاشوا فترة طويلة من الزمن و تزوجوا و توالدوا في اليمن و أنجبوا أجيا ً لا و أصبحوا يمنيين و إن
كانوا من أصول حبشية ثم ُ غلبوا و هزموا و فرَّ منهم من فر إلى الحبشة ،
و من ولد في اليمن فقد ُ خير بين العودة للحبشة أو البقاء في اليمن بشرط العمل في المهن التي كان
ينظر إليها العرب على أنها محتقرة و يرفضون الاشتغال بها ،
ففضلت الأجيال التي ولدت في اليمن البقاء و العمل في الحلاقة و التزيين.
و لكل قرية أو عدة قرى في بلاد الزرانيق ريس يختص بها و يتوارثها أبناءه بعده
و لا يجرؤ أحد من الريسأ الآخرين على منافستهم فيها و له عمل واحد عندهم إلى جانب ما سبق و هو
الحلاقة لكل أفراد البيت الواحد سوا ء في القرية أو البيت أو الأرض أو تحت شجرة و في أي
وقت متى ما أراد أحد أبناء القرية و كان يحلق للرجل كل شيء في جسده ، و أجره يحصل
عليه مرتين في العام :
-1 أجر يوم الحصاد ، و يتمثل في عذق .
-2 أجر يوم الخبيط ، أي يوم ضرب و خبط العذق لاستخراج الثمار .
إلى جانب ما يحصل عليه من مكافآت مالية و عينية في مناسبات مختلفة .
-9 الأخدام .
الأخدام طبقة اجتماعية مهمشة في المجتمع اليمني ، وجدت لها الكثير من الدراسات بدءًا
و كتب أغلب من زار اليمن عن هذه الطبقة ، و كل من درس اليمن و تاريخه و مجتمعه
يتطرق إلى ذكرهم ، و اهتمت بهذه الطبقة منظمات المجتمع المدني و المنظمات الدولية و ذلك نابع من
ظروفها المعيشية و وضعها الاجتماعي والذي وضعها في أسفل السلم و رفض دمجها في المجتمع و لم تلق هذه المعاملة فقط من الطبقات الاجتماعية التقليدية " المتخلفة الرجعية " بل حتى من الأنظمة التقدمية التي حكمت اليمن في القرن العشرين
فمن هم الأخدام و ما هو الأصل لوجودهم في اليمن ...؟
فأغلب الدراسات تؤكد أن هذه عناصر بشرية أفريقية الأصل و التي يمكن ملاحظتها
بوضوح في حياة شعبنا ...! و هي تعيش وضعًا بائسًا في المجتمع في حين يذهب
آ
خرون إلى أنهم عناصر هندية أو حميرية أو بقايا عبيد أو أنهم يمنيون هاجروا
إلى الحبشة و اختلطوا بالسكان ثم رجعوا لوطنهم أو هم " عبارة عن حثالة متبقية من
دخلاء على البلاد نساهم التاريخ و أن المجتمع اليمني قد نفر من عملية اندماجهم معه "
أو أنهم مزيج بين الفرس – الأثيوبي أو الأصل الأثيوبي العربي أو هم مزيج ثلاثي بين الأصل الحبشي
و الفارسي و اليمني
و الحقيقة أن للباحث رأي في مسألة التسمية و قد توصل إلى هذا الرأي بعد البحث و استقراء
التاريخ التهامي و التحقق من النصوص التاريخية و قد نشر هذا الرأي في كتاب الأستاذ محمد
سالم شجاب و يتلخص هذا الرأي فيما يلي :-
أن الأخدام مصطلح حديث ظهر في القرون الثلاثة الأخيرة الثاني و الثالث و الرابع عشر
الهجري أي من الثامن عشر و التاسع عشر و العشرين الميلادي ، و أن التسمية السابقة
لتسمية الأخدام هي السناكم ،
و يضبط التسمية المحدث شهاب الدين أحمد بن أحمد بن عبد اللطيف الشرجي المتوفي سنة 893 ه فيقول : " السناكم ، بفتح السين المهملة و قبل
الألف نون و بعده كاف مكسورة "
، و السناكم طبقة اجتماعية منحطة فهم " يأكلون الميتات و يشربون المسكرات و لا يعرفون الصلوات
و لا شيئًا من الشرائع ... يشربون و يلعبون ... و يضربون الطبول "
، أما المعلم وطيوط فيذكر أنهم " يأكلون الميتة ، وهم أناس لا قدر لهم عند الناس ، يدقون الطبول ،
تلغ الكلاب في آنيتهم ..."
و بالعودة إلى الأخدام ، فهم يسكنون في أحياء خاصة بهم عادة ما تكون خارج المدن
و القرى تسمى "حافة الأخدام "
و كما هو الحال في الحديدة و بيت الفقيه .." فهم إذن يعيشون في بيوت منفصلة في قرى الزرانيق ، و
يتركز دورهم على ما يلي :-
-1 المشاركة في حراثة الأرض و ضمدها بشكل سليم .
-2 يخبط الحصاد ، بمعنى ضرب السنابل المحصودة لإخراج الثمار .
-3 بناء العشش .
-4 عمل أسوار للبيوت الزرنوقية .
-5 ضرب الطبول و صناعة النعال .
و كل ذلك و غيره مقابل أجر نقدي و لكن غالبًا ما يكون الأجر عبارة عن حبوب " طعام كما
يسمى عند الزرانيق " يأخذه الخادم يوم الحصاد .
تعليقات
إرسال تعليق