الشاعر والمفكر عبد الله البردوني الجناح المحطم
خطرة وانبرى النذير وصاحا
الحريق الحريق يطوي الجناحا
وتعالى صوت النذير وألوى
آمل العمر وجهه وأشاحا
ودنا من هنا الحريق وأوما
بارق الموت من هناك ولاحا
ورنا السفر حوله ليس يدري
هل يرى الجدّ أم يحسّ المزاحا؟
تارة يرقب الخلاص وأخرى
يرقب اليأس والهلاك المتاحا
وتعايا حينا يقلّب كفّيـه
وحينا يشدّ بالرّاح راحا
وإذا النار تحتوي مارد الجوّ
ويجتاحه الحريق اجتياحا
خطوة في الرحيل واختصر الموت
مسافاته الطوال الفساحا
وأطاح الجناح بالركب في الجوّ
وأودى الجناح فيه وطاحا
من رآه يخرُّ في الهوّة الحيرى،
ويستجدّ الربى والبطاحا
من رآه على الصخور رفاتا
وشظايا تعطي الرّماد الرّياحا؟
من رأى الصقر حين مدّ إلى النار
جناحا وللفرار جناحا؟
وهوى الطائر الكسير ودوّى
موكب الرعب ملؤه وتلاحى
وارتمى يطرح الجناح المدمّى
مثلما يطرح القتيل السلاحا
***
وانطوى الركب في السكون وأطفت
هجعة الرمل عزمه والطِّماحا
وانتهى عمره وهل كان إلاّ
في مدى النفس غدوة أو رواحا
خلع العمر فاطمأنّ وأغفى
واستراحت جراحه واستراحا
مات، والشعب بين جنبيه قلب
خافق يطعم الحنين الجراحا
ويضمّ البلاد خلف الحنايا
أمنيات وذكريات ملاحا
لم يكد شعبه يذوق هناء
منه حتّى بكى وأبكى وناحا
***
أيّها الركب! يا شهيد المعالي!
هل رأيت الحياة شرّا صُراحا!
أم فقدت النجاح في العمر حتّى
رحت تبغي عند الممات النجاحا
عندما قبّل الثرى منك جرحا
أوراق الترب من دماه وفاحا
هكذا المجد تضحيات، وغبن
عمر من لم يخض إلى المجد ساحا
إنّما الموت والحياة كفاح
يكسب النصر من أجاد الكفاحا
لا استراح الجبان لا نام جفناه
ولا أدركت خطاه الفلاحا
إنّما الموت مرّة والدم المهدور
يبقى على الزمان وشاحا
كم جبان خاف الردى فأتاه
وتخطّى ستاره واستباحا
ونفوس شحّت على الموت لكن
أيّ موت صان النفوس الشحاحا؟
كم مليك يأوي إلى القصر ليلا
ثمّ يأوي إلى التراب صباحا
***
شرعه المجد أن تصارع في
المجد، وتستلّ للصفاح صفاحا
أيّها الركب! نم هنيئا ودعنا
نعتسف بعدك الخطوب الجماحا
ووداعا يا فتية اليمن الخضرا
وداعا بحرقة الصدر باحا
تعليقات
إرسال تعليق