قوله من غير تحريف ولا تعطيل

_________ ( 1 ) قوله : من غير تحريف ولا تعطيل قال الراغب تحريف الشيء إمالته كتحريف القلم . وتحريف الكلام : أن نجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين . قال الله عز و جل ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) وصفات الله داله على معان قائمة بذات الرب جل جلاله لا تحتمل غير ذلك فيجب الإيمان والتصديق بها وإثباتها لله إثباتا بلا تمثيل لأنه ليس كمثله شيء وتنزيها له تعالى عن مشابهة خلقه بلا تعطيل والتعطيل جحد الصفات الإلهية وإنكار قيامها بذاته تعالى كما هو قول المعتزلة والجهمية وكذلك لا تكيف صفاته كما لا تكيف ذاته ولا تمثل ولا تشبه بصفات المخلوقين لأنه ليس له كفء ولا مثيل ولا نظير ويرحم الله ابن القيم حيث قال : لسنا نشبه وصفه بصفاتنا إن المشبه عابد الأوثان كلا ولا نخليه من أوصافنا إن المعطل عابد البهتان [ كلامه أوصافنا خطأ هنا بل الصحيح أن يقال : ولسنا نخليه من أوصافه وقد قال بعده ببيتين : أو عطل الرحمن من اوصافه وهو صحيح . محمد حبش وعرفان رباط من مشروع المحدث ] من شبه الله العظيم بخلقه فهو الشبيه لمشرك نصراني أو عطل الرحمن من أوصافه فهو الكفور وليس ذا الإيمان ( 2 ) الإلحاد إما يكون بجحدها وإنكارها وإما بجحد معانيها وتعطيلها وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات وإما بجعلها اسما لهذه المخلوقات كإلحاد أهل الإلحاد ( 3 ) لأن الصفة تابعة للموصوف فكما أن الموصوف سبحانه لا تعلم كيفية ذاته فكذلك لا تعلم كيفية صفاته مع أنها ثابتة في نفس الأمر ( 4 ) أي مثيلا ونظيرا يستحق اسمه وموصوفا يستحق صفته على التحقيق وليس المعنى ما نجد من يتسمى باسمه إذ أن كثيرا من أسمائه قد يطلق على غيره لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كان معناه كما إذا استعمل في غيره ( 5 ) الأنداد : الأمثال والنظراء فكل من صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله رغبة فيه أو رهبة منه فقد اتخذه ندا لله لأنه أشرك مع الله فيما لا يستحقه غيره وذلك كحال عباد الأموات الذين يستعينون بهم وينذرون لهم ويحلفون بأسمائهم ( 6 ) قال في القاموس وشرحه : كرثة الأمر والغم يكرثه بالكسر ويكرثه بالضم اشتد عليه وبلغ منه المشقة قال وكل ما أثقلك فقد كرثك قال الأصمعي لا يقال كرثة وإنما يقال أكرثه ( 7 ) قوله إنني معكما أسمع وأرى قال شيخ الإسلام بعد كلام سبق وهذا شأن جميع ما وصف الله به نفسه لو قال في قوله إنني معكما أسمع وأرى كيف يسمع وكيف يرى لقلنا السمع والرؤية معلوم والكيف مجهول ولو قال كيف كلم موسى تكليما لقلنا التكليم معلوم والكيف غير معلوم اه ( 8 ) وهو شديد المحال أي الأخذ بالعقوبة وقال ابن عباس شديد الحول وقال مجاهد شديد القوة ( 9 ) قوله والله خير الماكرين : قال بعض السلف في تفسير المكر يستدرجهم بالنعم إذا عصوه ويملي لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر . قال الحسن من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له وقد جاء في الحديث إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج والله جل وعلا وصف نفسه بالمكر والكيد كما وصف عبده بهما لكن ليس المكر كالمكر ولا الكيد كالكيد ولله المثل الأعلى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( 10 ) قال شيخ الإسلام قال أهل اللغة هل تعلم له سميا أي نظيرا استحق مثل اسمه ويقال مساميا يساميه وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس هل تعلم له سميا مثيلا أو شبيها اه . وقد سبق ذكر حاشيته بهذا المعنى مفيدة فلتراجع ( 11 ) قوله الرحمن على العرش استوى : الاستواء هو العلو والارتفاع [ قول الإمام ابن تيمية رحمه الله : الاستواء هو العلو والارتفاع هو أحد وجوه تأويل الاستواء وذهبت إليه طائفة من السلف فيما ذهبت طائفة ثانية إلى أن الاستواء هو الملك والاستيلاء وفوضت طائفة ثالثة فقالت نؤمن بظاهر النص دون تأويل والمذاهب الثلاثة مروية عن أئمة أهل السنة والجماعة أما دليل الطائفة الثانية فهو من وجهين : أولهما أن للاستواء أكثر من معنى في القرآن الكريم فمنه الاستواء الحسي بمختلف معانيه ومنها العلو والارتفاع ومنه الاستواء المعنوي في قوله سبحانه وتعالى : { ولما بلغ أشده واستوى } . فاخذوا بهذا المعنى من كتاب الله عز و جل وبذلك تقيدوا كذلك بالآية المحكمة : { ليس كمثله شيء } وثانيهما أنه لا يقال مثلا للملك المقهور إذا أسره العدو وجلبوا عرشه إلى سجنه فأجلسوه عليه أنه استوى على العرش بل ينبغي للاستواء بشأن العظام والملوك أن يحمل معاني الملك والقدرة كل بحسبه ( أي أن استواء الشاب هو كمال نموه واستواء الملك هو استيلاؤه على ملكه الحسي واستواء الله عز و جل إذا فسر بالقدرة والاستيلاء فهو كما يليق بصفاته فلا يشاركه خلقه في معاني الاستواء كما إنهم لا يشاركوه في معاني القدرة والرحمة والسمع والبصر إلا بمجرد توافق بين الكلمات ) وبسبب إنكار بعض أفراد هذه المذاهب على غيرها نذكر قول العديد من العلماء منهم الإمام النووي في شرح صحيح مسلم ومنهم الإمام ابن تيمية بعده أن الإنكار هو في ما أجمع عليه وأما ما لا إجماع عليه فلا إنكار فيه . ولا مندوحة من اتباع كلامهم وإلا فيكون صاحب كل مذهب قد تحكم [ جعل نفسه الحكم الفاصل ] في موضوع الخلاف وهذا مما يشتت الأمة ويفرقها قال الله تعالى : { . . . أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } وليس معنى التفريق المنهي عنه هو اختلاف الاجتهاد حيث قد اختلف الصحابة في الاجتهاد ( مثلا في قوله صلى الله عليه و سلم : لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة وأقرهم النبي على ذلك بسكوته ) وإنما التفريق المنهي عنه هو التكفير والاتهام بالضلالة بدليل معنى الكلمة في قوله تعالى : { . . . ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض }

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

4- قبائل تشترك مع الزرانيق في الأرض و التاريخ و المعتقد و الفلكلور و العادات و التقاليد و ارتضت الانضواء في الاتحاد الكونفدرالي " الزرانيق " لأغراض الحماية و المكاسب الاقتصادية