من العرب الهاربة إلى العرب المحاربة
من العرب الهاربة إلى العرب المحاربة
جزء من المعركة التي كانت تخوضها الشرعية اليمنية منذ عامين هي الحرب النفسية التي تهدف لتحطيم معنوياتها و فت عزيمتها و عزيمة المؤمنين بها ..
كانت تهمة الهروب جزء من هذه الحرب .
هرب ملايين العراقيين تحت وطأة الحرب التي شنت على العرق ، هرب كبار قادة الجيش و الدولة و الحزب الحاكم و هرب ملايين المواطنين خارج الحدود و توزوعوا بين المهاجر من فنلندا حتى استراليا . عاد البعض خلسة و تمكنوا من تنظيم جيوب للمقاومة كبدت الأمريكيين و حلفائهم الكثير .
هرب البعض و اختفى البعض داخل البلد لأنه كان مطلوب دوليا .
كثير ممن لم يتمكن من الهرب كان مصيره الاعتقال أو التصفية كصدام و طارق عزيز و برزان التكريتي و أولاد صدام .
تم مصادرة أملاك هؤلاء بالتأكيد .
تكرر المشهد مع ملايين السوريين و تشردوا بين عواصم العالم و وقفوا بين الثلوج لأشهر في نقاط العبور بين الدول .
كان البعض من أبناء جلدتهم الذين يخدمون مشروع إيران يسخرون منهم كما سخروا من العراقيين من كبار الدولة و المواطنين على حدٍ سواء ، سخروا من معاناتهم و من هروبهم و أصبح الوجود في مخيمات الأردن أو تركيا تهمة و مسبة و عيب .
في شريعة الله يعد البقاء تحت سيطرة الظالم جريمة في حق النفس لمن لا يستطيع دفع الظلم عن نفسه " ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) .
يظهر المرتبطون بإيران حنقهم الشديد من إفلات قادة كبار في الشرعية اليمنية من أيديهم . كانوا يريدون مصير صدام و رفاقه و أبنائه لكل خصومهم و لكل من يظنون أنهم حجر عثرة أمام مشروعهم .
و برغم أن الإسلام يعتبر التولي يوم الزحف من الكبائر لمن كان مقاتلا في المعركة مالم يكن ذلك تحرفا لقتال أو تحيزا لفئة لكن يعتبر من يواجه في مكان الكثرة و الغلبة و في غير المعركة و قد علم مقتله لامحالة دون أن يثخن في عدوه إلقاء نفس في التهلكة و عده البعض انتحارا .
يؤجل بعض القادة معاركهم للوقت المناسب فيبنون جيوشا وقوات ثم يخوضون معاركهم بشجاعة و اقتدار .
هرب الرئيس هادي نعم ، هرب و زير الدفاع الصبيحي نعم ، هرب علي محسن نعم ، هرب وزراء آخرون و قادة في الدولة نعم .
لكن لم يكن ذلك هروب الجبان بل هروب من يريد فسحة من الوقت ليغير قواعد اللعبة و يرتب أوراقه و يعود للمعركة من جديد و ها هو هادي اليوم يصول و يجول في معظم اليمن و من كان يسخر من هروبه و يرى أنه لن ينفذ إلا عن طريق البحر لا يجد طريقا غير أنابيب المجاري يتنقل فيها .
يقف من ينعته صالح بالجنرال الفار على بعد 70 كم من أنفاق صالح بجيش جرار و يتحداه للنزال .
سيقول قائلهم هذا بفضل التحالف .
من يستطيع أن يستغل الظروف الدولية و الإقليمية فليفعل و قد فعل الانقلابيون ذلك فضربوا كل خصومهم مستغلين الدعم الإقليمي آن ذاك و اعتبروا ذلك ذكاءً خارقا منهم و فهما للعبة الأمم . و اليوم انقلبت الموازين .
هاجر المسلمون هربا من قريش و تنكيلها و بقوا خارج ديارهم 10 أعوام يهيئون الظروف للعودة .
حدث هذا في كل بلدان العالم خلال كل الحروب التي يستولي فيها الغازي أو طرف محلي على بلد .
في معظم الأحيان يعود الهاربون ليحسموا المعركة لمصلحتهم .
خاطب شارل ديجول الفرنسيين موجها لهم نداءه الشهير قائلا " أيها الفرنسيون لقد خسرنا معركة لكننا لم نخسر الحرب وسوف نناضل حتى نحرر بلدنا الحبيب من نير الاحتلال الجاثم على صدره " كان كلامه هذا أشبه بكلام قائد يمني و هو يخاطب الانقلابيين " لن يطول غيابنا ولن تدوم فرحتكم "
ديجول كان قائدا لأكبر فرقة في الجيش الفرنسي لكنها لم تصمد أمام النازيين الذي اجتازوا خطوط ماجينو و هرب خارج فرنسا ليقيم لدى تشرشل في بريطانيا يطلب منه العون و المساعدة .
انقسمت فرنسا إلى قسمين قسم يؤيد المارشال بيتان الذي يقود حكومة عميلة أو حكومة فيشي (اسم المدينة ) و قسم يؤيد حكومة المنفى التي يقودها الجنرال ديجول الذي كان بيتان يحاكمه غيابيا بتهمة الخيانة العظمى و تدور الأيام و تتبدل الأدوار و من باريس يحاكم بيتان بالخيانة حضوريا .
لم يكن الهروب مذموما إلا في قاموس من كانوا يريدون القبض عليك أو المرتبطين بهم من الكتائب الإلكترونية أما و هو تحرفا لقتال فنعم هو و إن طال .
لو لم يفعل القادة ما فعلوه و بقوا لكنا الآن نبحث عن مظلة لاستعادة الدولة و العالم كله يعتبرك مجرد متمرد على سلطة فرضت نفسها و أنشبت مخالبها في كل شبر و لكنا نتجرع كؤوس الذل الوان و نحن نسمع كل يوم عن محاكمة و إعدام رؤوس الدولة بتهمة الخيانة العظمى .
الحمد لله الذي مكنهم من الهروب من أرض الهزيمة لأرض ملائمة لصناعة النصر . و هكذا من كانوا بالأمس عربا هاربة في نظر خصومهم ها هم اليوم عربا محاربة في نظر الجميع .
تعليقات
إرسال تعليق