القرآن الكريم و وتفسير القرآن الكريم
22-لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ
يبين تعالى حال المفترين عليه وفضيحتهم في الدار الآخرة على رءوس الخلائق من الملائكة والرسل والأنبياء وسائر البشر والجا2ن كما قال الإمام أحمد « 2/74 » حدثنا بهز وعفان قالا أخبرنا همام حدثنا قتادة عن صفوان بن محرز قال كنت آخذا بيد ابن عمر إذ عرض له رجل قال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة قال سمعته يقول إن الله عز وجل يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد « هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين » الآية أخرجه البخاري « 2441 » ومسلم « 2868 » في الصحيحين من حديث قتادة به وقوله « الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا » أي يردون الناس عن اتباع الحق وسلوك طريق الهدى الموصلة إلى الله عز وجل ويجنبونهم الجنة « ويبغونها عوجا » أي ويريدون أن يكون طريقهم عوجا غير معتدلة « وهم بالآخرة هم كافرون » أي جاحدون بها مكذبون بوقوعها وكونها « أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء » أي بل كانوا تحت قهره وغلبته وفي قبضته وسلطانه وهو قادر على الإنتقام منهم في الدار الدنيا قبل الآخرة « ولكن يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار » وفي الصحيحين « خ4686 م2583 » إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ولهذا قال تعالى « يضاعف لهم العذاب » الآية أي يضاعف عليهم العذاب وذلك أن الله تعالى جعل لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم بل كانوا صما عن سماع الحق عميا عن اتباعه كما أخبر تعالى عنهم حين دخولهم النار كقوله « وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير » وقال تعالى « الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب » الآية ولهذا يعذبون على كل أمر تركوه وعلى كل نهى ارتكبوه ولهذا كان أصح الأقوال أنهم مكلفون بفروع الشرائع أمرها ونهيها بالنسبة إلى الدار الآخرة وقوله « أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون » أي خسروا أنفسهم لأنهم أدخلوا نارا حامية فهم معذبون فيها لا يفتر عنهم من عذابها طرفة عين كما قال تعالى « كلما خبت زدناهم سعيرا » « وضل عنهم » أي ذهب عنهم « ما كانوا يفترون » من دون الله من الأنداد والأصنام فلم تجد عنهم شيئا بل ضرتهم كل الضرر كما قال تعالى « وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء بعبادتهم كافرين » وقال تعالى « واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا » وقال الخليل لقومه « إنما اتخذتم من دون الله أوثانا » وقوله « إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب » إلى غير ذلك من الآيات الدالة على خسرهم ودمارهم ولهذا قال « لاجرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون » يخبر تعالى عن حالهم أنهم أخسر الناس صفقة في الدار الآخرة لأنهم استبدلوا الدركات عن الدرجات واعتاضوا عن نعيم الجنان بحميم آن وعن شرب الرحيق المختوم بسموم وحميم وظل من يحموم وعن الحور العين بطعام من غسلين وعن القصور العالية بالهاوية وعن قرب الرحمن ورؤيته بغضب الديان وعقوبته فلا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون
تعليقات
إرسال تعليق