ثورة 26 سبتمبر ..اليمن بين ملكية الامامة وامامة الجمهورية
ثورة 26 سبتمبر ..اليمن بين ملكية الامامة وامامة الجمهوريه
كُتب بواسطة : طارق محمد عقبة - ارشيف الكاتب
نبدأ مقالنا هذا بمبادى ثورة سبتمبر:
1-التحرر من الاستبداد والاستعمار واقامة حكم جمهوري عادل وازالت الفوارق والامتيازات بين الطبقات.
2-بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها.
3-رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا.
4- انشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد انظمته من روح الاسلام الحنيف.
5- العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة.
6-احترام مواثيق الامم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدا الحياد الايجابي وعدم الانحياز والعمل على اقرار السلام العالمي وتدعيم مبدا التعايش السلمي بين الامم.
كانت احد اهم افرازات الحرب العالمية الاولى هي هزيمة الدولة العثمانية واستقلال الامام يحي باليمن عن الدولة العثمانية وتاسيس المملكة المتوكليه في 1918 واتخذ الامام يحي شريعيته من المذهب الزيدي وقتاله ضد الاتراك لحكم اليمن واعتمد في حكمه على الديكتاتورية الشديدة والتحكم الشخصي بامور الدوله والقضاء والجيش وتعيين الاهل والاقارب في المراكز المهمة والاعتماد على شيوخ القبائل في قتال الخصوم على ان يتمتعوا باستقلالية نسبية في مناطقهم مقابل دفع اتاوة للامام والانصياع لاوامره. اعتمدت الامامه في الحكم على السيطرة على الموا رد المالية وشراء الذمم واستقلالية المناطق البعيدة مقابل دفع الاتاوة وتعيين الاهل والمقربيين في مفاصل الدولة والجيش والقضاء والانغلاق التام على الخارج والاستبداد وضرب المعارضين ببعضهم البعض.
لايمكن التحدث عن ثورة سبتمبر 1962 دون التطرق الى ثورة 1948 والذي تعتبر حجر الاساس لثورة سبتمبر , فعندما قام الامام يحي بتعيين ابنه احمد وليا للحكم الب عليه الكثير من اقربائه ومواليه على اعتبار ان الامام احمد ليس الافضل لحكم البلاد.
ان مايميز المذهب الزيدي عن الاتناعشري هو الاخذ بلافضلية في انتقال الحكم وليس بالتوريث كما هو معمول به في الاتناعشرية.
كما ان الامامة في الزيدية هي من نسل سيدنا ( الحسن) بينما الاتناعشر امام في المذهب الاتناعشري هم من نسل سيدنا ( الحسين) عدا سيدنا (علي) وابنه سيدنا (الحسن).وقد قاد تلك الثوره قائد الجيش اليمني العراقي الاصل جمال جميل بالتحالف مع شيوخ قبائل الوسط منهم الشيخ البطل علي ناصر القردعي شيخ مشايخ أل مراد والشيخ سالم جرعون شيخ مشايخ رداع وابو احرار اليمن الشاعر الكبير محمد محمود الزبيري كذا الشاعر الاديب والعالم أحمد المطاع. وتم حينه اغتيال الامام يحي بن حميد الدين وتعيين السيد عبدالله الوزير اماما خلفا للامام يحي وهو شيخ طاعن في السن. لكن للاسف استطاع الامام احمد وهو وليا للعهد والذي كان يقضي اجازة في عدن من ترتيب صفوفه وجمع الموالين له وبدعم من المملكة السعودية وبريطانيا من حصار صنعاء حتى انهار الثوار وتم دخول صنعاء ونهبها وتم اعدام اغلب من شارك بهذه الثورة وسميت هذه الثورة (بثورة الدستور) حيث كان يطمح قادة هذه الثورة بتنظيم انتقال الحكم عبر الدستور.
ثم كانت حركة 1955 وسميت بحركة لانه من قام بها شخص وهوالعقيد البطل احمد يحي الثلايا وكان قائد الجيش حينها وراى الظلم والاستبداد الذي وقع على الشعب اليمني وقام بالتنسيق مع ضباظ الجيش وتم محاصرة الامام يحي وارغمه على التنازل على الحكم فوافق مخادعا, حتى تواصل مع حلفاوه وانصاره في الجيش وتم القبض على البطل المقدام أحمد بن يحي الثلايا وتم محاكمته في محكمة شعبيه مسرحية هزلية في ملعب كرة قدم بتعز وامام الامام وقف كالاسد وقال(انا لايهمني الاعدام, ولست خائفا بتاتا, وماقمت به من اجل الشعب اليمني المقهور والمطحون). ورد عليه الامام : سوف اترك محاكمتك للشعب اليمني. وكان الحضور جلهم من انصار الامام وقال الامام امام الجمع: كان جنديا مغمور ورقيته وجعلته قائدا للجيش واعطيته منزلا, فخان الامانه فماحكمكم عليه؟ فقالوا بصوت واحد(الاعدام).
حينها قال الثلايا مقولته المشهوره التي تتوراثتها الاجيال (شعب اردت له الحياة واراد لي الموت) اعدم الثلايا و وقتل الامام وبقية المقولة في راس كل يمني حر.
كان الزعيم ومهندس ثورة سبتمبر الشهيد البطل علي عبد المغني وكان عضوا في مجلس قيادة الثوره من هولاء القادة عبدالله السلال وعبدالله جزيلان وعبدالسلام صبره ومحمد اسماعيل المنصور وعبدالله بيضاني ومحمد قائد سيف وحسن العمري واحمد محمد النعمان وغيرهم, كان من خطط و قام بالثورة هم ضباظ الجيش الاحرار وبعدها انضم اليهم شيوخ القابائل ومنهم الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر والشيخ ابراهيم حاميم. وكان اغلب ضباظ الجيش من المناطق الوسطى وجنوب الشمال وابناء صنعاء المدينه وليس القبيلة.
كانت ثورة سبتمبر احدى افرازات الحرب العالمية الثانيه وهزيمه دول المحور واعادة تقسيم العالم وظهور قوتيين عظميين هما امريكا والاتحاد السوفيتي الذي دعم تحرر الشعوب من الاستعمار وساعد في ذلك المد القومي العربي بزعامة عبد الناصر وقاد ثورات تحرر الشعوب العربية.
كان ارتباط الضباظ الاحرار في اليمن بالضباظ الاحرار في مصر وبالزعيم عبد الناصر وبالقومية العربية واضحا وهنا تدخلت بريطانيا وامريكا والسعودية في ثورة سبتمبر بدعم غير محدود للامام ودفعت بلغالي والنفيس في حصار صنعاءالذي استمر من عام 1962 وحتى عام 1970 وبعد نكسة 1967 اضطر الجيش المصري سحب قواته من اليمن وتم التفاوض مع الملكيين وتم مشكاركتهم في الحكم واقصاء الامام بدر الى السعودية وهكذا لم تكتمل اهداف الثوره السبتمبريه.
كان دور السلال كقائد للثورة مثل دور محمد نجيب في الثورة المصرية فلم يكن القائد القوي لذا تم ازاحته في نوفمبر 1967 وتم تشكيل مجلس رئاسي بقيادة القاضي عبد الرحمن الارياني الذي ضل رئيسا حتى عام1974 .
كان القاضي الارياني اول رئيس غير عسكري لهذا قامت الموسسة العسكرية بانقلاب سلمي ضده بقيادة العقيد ابراهيم محمد الحمدي
تولى الحمدي حكم اليمن في ظروف غاية في الصعوبة وحاول( الحمدي) تفعيل الدستور واحيـأ مبادى ثورة سبتمبر وعمل جاهدا على دك مداميك الدولة الحديثة وتفكيك القوى القبلية وتاثيرها في المجتمع وبسط سلطة الدوله وتفعيل القوانين بدلا عن الاعراف واخضاع القبيلة واسلحتها للدولة وحاول تحجيم تاثير الدور السعودي في اليمن وقام بتفعيل اتفاقيات الوحدة مع الجنوب حينما كان سالمين رئيسا للدولة الجنوب والحقيقه كانا الاثنين في الشجاعة والجراءة والتحدي والوطنية مما يمكنهما من تحقيق الوحدة اليمنية في ذاك الوقت وتم تحديد موعد 14 اكتوبر( يوم قيام ثورة الجنوب ضد الاستعمار البريطاني) للزيارة( الحمدي) لعدن لتوقيع اتفاقية الوحدة مما اثار حفيظة القوى التقليدية والقوى الاقليمية ممثلة بالسعودية ضد الرئيس الحمدي وتم اغتياله في 11 اكتوبر1977 بعد ان هدد شيخ مشائخ اليمن عبدالله الاحمر بمسيرة مليونية تقتحم صنعاء. ويدور جدل حول دور الرئيس صالح في اغتيال الحمدي وهنا بدا نجم الرئيس صالح بالظهور وتم تعينه عضوا في مجلس الرئاسة وتم تعيين المقدم احمد حسين الغشمي رئيسا للبلاد ولم يستمر طويلا في الحكم حيث تم اغتياله ب24 يونيو 1978 يقال من قوى جنوبية مساندة للرئيس سالمين.
بعد اغتيال الغشمي تولى الحكم الرئيس علي عبدالله صالح وهنا بدات مرحلة ( امامة الجمهورية) فقام صالح بنسخ فترة حكم الامام احمد وتحالف مع القبائل بقيادة شيخ مشائخ اليمن عبدالله بن حسين الاحمر وقام بعطاء الشيخ الاحمر سلطة واسعة وهو خارج السلطة الحاكمة,على ان لاينافسه في الحكم وقام بتوزيع المناصب العليا في الجيش والامن على المقربين من الاسرة وشديدين الولاء له وبمباركة سعودية و مارس سياسة ( فرق تسد) وضرب المعارضة ببعضها البعض( الرقص على رؤؤس الافاعي) وتهميش القضاء وتفعيل الاعراف وسيادتها على القانون وبولائه للسعودية تم استباب الحكم( لصالح) وسيطر (صالح) على كل مفاصل الحكم فكان هو كل الدولة مع تاسيس حكومة صوريه يتم اختيار افرادها من قبله حيث يتم اختيار من كل محافظة وزيرا على ان يكون الحاكم الفعلي في الوزارة لشخص شديد الولاء لصالح وان كان موظف صغير. اطلق صالح, كما كان الامام,ايدي شيوخ القبائل في مناطقم على ان يدينوا بالولاء له فقاموا السجون وجمعوا الاتاوات واستحلوا الاراضي وملكوا اقطاعيات كبيرة وسخروا العمالة اليمنية لمصلحتهم وهكذا كان حال كبار الموظفين وهكذا خلقت طبقة حاكمة غنية مفصولة تماما عن فصائل الشعب الشديد الفقر والمعاناة.
كانت قمة الجبل التي وصلت اليها ثورة سبتمبر هويوم 22 مايو 1990 وهو يوم قيام الوحدة الاندمجاية بين شمال اليمن وجنوبه, فلم تكن الوحدة الاندماجية عمل بطولي من الرئيس (صالح) او الامين العام للحزب الاشتراكي( البيض) انما من فرض الوحدة هو تغير القوى العالمية وتفسخ الاتحاد السوفيتي الداعم الرئيسي للدولة الجنوب وصراع( الرفاق) في الجنوب وتغلغل القوى الشمالية في دولة الجنوب. فهرول الجنوب نحو الوحدة الاندماجية بقيادة ( البيض)ولهذا كانت هناك ثغرات واضحة في اتفاقية الوحدة مثل ان لم يتم استفتاء الشعب عليها كم من وقعها عن الجانب الجنوبي لم يكن رئيس الدولة الجنوبيه ( العطاس) وانما كان امين الحزب الاشتراكي ( البيض) والذي لايمثل كل فئات الشعب.
كانت هذه فرصة ذهبية للرئيس صالح لاقامة دولة حديثة , دولة الموسسات والقانون وكان يتمتع بشعبية جارفة في ذلك الوقت وقد اجتمعت حوله جميع القوى بما فيه ابناء شعب الجنوب الا انه فضل الاستمرار بنفس سياسته السابقة ( الرقص على روؤس الثعابين) مع دوله ديكتاتورية مستبدة هشه او كم يسميها وزير الشؤون القانونية في حكومته بالدولة ( البسيطة) اي الدولة المركزية التي تقع جميع مفاصلها بيد الرئيس (صالح).
ثم كانت حرب يوليو 1994 او كما يسميها انصار الرئيس ( صالح ) بحرب الوحدة وماصاحبها من نهب المدن الجنوبية واستحلال دم ابناء الجنوب في فتوة( الديلمي) سيئت الصيت,فلحرب كانت غزو شمالي للجنوب اكثر من انها حربا دفاعاعن الوحدة وهي كانت بمثابة فسخ اتفاقية الوحدة.
وهنا اخذت الرئيس ( صالح ) العزة بالنصر فقام بتعيين حكام عسكريين مخلصين له في المحافظات الجنوبية ونهب ثروات الجنوب وتوزيع اراضي الجنوب على المقربين منه دون مراعاة العادات والتقاليد والاعراف لابناء الجنوب المختلفة تماما وكليا عن عادات وتقاليد واعراف ابناء الشمال. وهكذا سقط استفتاء الوحدة في المناطق الجنوبية وانتهت شعبية الرئيس ( صالح ) في الجنوب.
ان اللحظة الفارقة في انحدار ثورة سبتمبر للسقوط من القمة هو وفاة الشيخ عبدالله الاحمر في ديسمبر 2007 والذي كان ركن اساسي من استباب سلطة الرئيس ( صالح).
تجرأ الرئيس ( صالح) بعد وفاة الشيخ (عبدالله الاحمر) باعلان نيته لتوريث الحكم لابنه احمد مما اثار حفيظة ابناء الشيخ ( عبدالله الاحمر) وكذا ذراعه الايمن ( علي محسن الاحمر) واجتمعت معظم القوى ضده وخرج الشعب الى الشوراع في ثورة 11 فبراير
2011 والذي تنازل فيها عن الحكم ولم يتنازل عن السلطة.
ومن مفارق الصدف ان سبب ثورة 1948 محاولت الامام يحي توريث الحكم لابنه احمد , وان سبب قيام حركة 1955 هو محاولت الامام احمد توريث الحكم لابنه محمد البدر , واسباب قيام ثورة فبراير 2011 هو محاولت الرئيس صالح توريث الحكم لابنه احمد.
كان باستطاعت الرئيس( صالح) الدخول الى التاريخ من اوسع ابوابه وان يكون اول رئيس عربي تنازل عن السلطة بشكل سلمي وان تجير الوحدة اليمنية لصالحه لكن ابى الا ان يستمر بالرقص ( على روؤس الثعابين) وتحالف مع الملكية الامامية ودخلت اليمن في حرب اهلية لايعرف نهايتها وفقد الامل في تصحيح ثورة سبتمبر واندمجت الملكيه الامامية بامامة الجمهورية واصبح مستقبل اليمن اقتم مما كان عليه قبل ثورة سبتمبر
تعليقات
إرسال تعليق