ا بو الغيث حمـود .. عندليب وبلبل تهامة بقلم: استطلاع: محمد سالم مغرسي

بو الغيث حمـود .. عندليب وبلبل تهامةا
بقلم: استطلاع: محمد سالم مغرسي


«لو أتيت اليوم ما يروح بك» «من مضى عمره وكمل مستحيل الزمن يعود به» إنه أبو الغيث حمود، عندليب وعمود الشلة التهامية، تأثر الكل برحيله في حادث مروع لا يمكن أن يمحى من الذاكرة،بكى عليه عشاق الأغنية والشلة التهامية، زوجته لم تحتمل هي الأخرى فراقه ولم تصدق أنه رحل عنها، بعد شهرين لحقت به مخلفين ولداً وبنتين، أثرى المكتبة التهامية بأروع الموشحات والقصائد والأغاني التهامية، مثّل اليمن في المهرجان الذي أقيم في فرنسا، أسس جيلاً من الموشحين وأصحاب المواهب، أسس مع زملائه منتدى بلابل تهامة. 

رد الأعتبار والمكانة للموشحات والأغنية التهامية روائع من الأعمال الفنية ذات الطابع التهامي المميز والموشحات والقصائد في مختلف أنواع الشعر التهامي من غزل ومدح وهجاء وموروث تهامي تتغزل في المرأة والبيئة التهامية وصفها بدقة ورقة وأحاسيس، غنى وتغنى وصدح بأعذب وأرق الألحان كان يرفرف مع الكلمة كالبلبل الصداح متنقلاً من موج إلى موج ومن بلد إلى بلد يصف ما فيها من جمال وحسن وإبداع . لبس القصيدة وجسدها بمشاعره وأحاسيسه وعاش أجواءها. غنى بالفصحى والعامية والصوفية كانت تستلهمه وزغرد للوحدة ولهذا الوطن. كانت المناسبات بمختلف أنواعها عشقه.

أخذ بخاطر الفقراء والمفقودين من الأحبة، رحم حال الاغتراب ووصف وعبر بأدق التفصيل والدقة وكأنه كان معهم المطلقة وحالها ونظرات الناس لها ومن افتقدت حبيباً وغالياً عليها رق قلبه لهم جسد ذلك بعبرات هام في أجوائها كل من طرقت مسامعه كل ذلك كان باللهجة التهامية البسيطة لأنه من أبناء تهامة وبالتحديد من مديرية الزيدية بمحافظة الحديدة التي تبعد عن الحديدة باتجاه طريق حرض شمالاً تقريباً 06 كيلو متراً عاش حياة بسيطة وسط أجواء أسرية وأحياء شعبية وسط أناس أتسموا ووصفوا بالطيبة والتسامح والتكاتف وإكرام الضيف، أناس بتلك الوجوه السمراء ذات الابتسامة الرقيقة والمسالمة والتي لم تعرف الخبث أو اللؤم لا تحاسد ولا بغضاء. كان أبو الغيث يعمل بقدر استطاعته في محاولات جادة وبجهود ذاتية متواضعة للنهوض بحال الموشح والأغنية التهامية والموروث التهامي وبذل كل الجهود وما يقدر عليه بمساعدة ومساندة من مجموعة من أصدقائه وزملائه وبعض الأدباء والكتاب والشعراء يقوم برفقتهم بإعادة الاعتبار لهذا الموروث التهامي الأصيل الذي كاد أو أوشك على أن يكون على حافة الخطر وينقرض بانقراض وانتهاء رواده فبدأ يلملم ما تبقى ويبحث بعد الجديد ويكرر زياراته المتتالية والتي لا تنقطع عن كبار رواد الكلمة من الشعراء القدامى والحديثين الجدد وأصحاب المواهب الفذة فيأخذ أروع مالديهم من انتاجات شعرية وقصائد وكلمات فيعد الحاناً لها لا تخرج أبداً عن الألحان التهامية ذات الطابع التهامي المميز ويستعين بالألحان التهامية التراثية ويجدد في الحانها دون أن تفتقد طعامتها ولذتها، ويستعين كذلك بكبار الشعراء في الوطن وبالدواوين الشعرية القديمة ويرجع إلى كتب القدامى من الشعراء التهاميين ويعود تارة إلى الشعر الفصيح فيأخذ ما يروق له من قصائد كبار الشعراء في الوطن وخارج الوطن من الإخوة الشعراء العرب ويموت في القصائد الصوفية التي تحمل في كلماتها الكثير من المواعظ والتذكير بالله وبالصبر والتجارب التي مر بها الإنسان في حياته، كل محاولاته هذه أثمرت وجاءت بثمار طيبة نتج عنها أنه واحد من الذين ردوا الاعتبار وحافظوا علي الموشحات والأغنية التهامية وإبرازها في المحافل والمناسبات والمهرجانات وحتى الأعراس التي بدأ وإنطلق منها لم تكن تفته، كان يتحامل على نفسه ولا يعتبر للمادة والفلوس أي اعتبار ولم يكن ينتظر أو يهدف إلى الربح المادي وأكبر دليل على ذلك أنه كان يحضر الأعراس وكل المناسبات والمهرجانات ولم يكن يتقاضى أي مقابل والدليل الآخر أنه عندما مات لم يجدوا في منزله أي مبلغ ولم يكن له أي رصيد أو أي ملك أو سيارة حتى أنه خرج من هذه الدنيا وعليه بعض الديون سددها عنه أهله مع ذلك مئات الأعمال له خرجت والمميزة الجميلة التي كانت فيه كما يصف لنا ذلك أصدقاؤه ومن حوله أنه كان سخياً حقه ليس له وفرفوش يحب الضحك والمزاح والبال الصافي الراقي فلم يكن يضع للمادة أي اعتبار وهذا شكل الآن بعد رحيله مشكلة لأسرته التي لم يترك لهم شيئاً ولا حتى راتب،وبعد طرح ذلك على وزير الثقافة السابق الأخ خالد الرويشان الذي وجه بلفتة كريمة منه على تخصيص مبلغ شهري لأسرته وهو لايسد شيئاً من احتياجات أسرته وأولاده لأنه ضئيل لذا نتمنى من الأخ الوزير الجديد الأستاذ المفلحي زيادة المخصص المالي المعتمد لأسرة الفقيد والنظر إلى هذا الرجل العظيم وتكريمه من خلال أولاده والالتفات لهم برد ذلك الجميل لانجازاته العظيمة والدور الكبير الذي لعبه في توثيق الموشحات والأغاني التهامية وكذا لهذا الجيل الذي أسسه ولما أثرى به المكتبة اليمنية من الروائع الغنائية والموشحات التهامية وأعطاءها ولو جزءاً بسيطاً من حقوقه التي لم يكن يجد الفراغ للبحث عنها ومتابعتها لأن همه وهدفه السامي كان أكبر من ذلك بكثير ولم يكن يعرف في يوم من الأيام بأن ذلك الاهمال والتهميش واللامبالاة سيطال أحب الناس إلى قلبه من بعد مماته وأنه لن يقدر جهوده وأنجازاته أحد. لا يمكن أبداً رحمة الله عليه كان يستقر أو يقر ويسكن له حال إذا زارته خاطرة أو شغله موضوع في عملية البحث عن الألحان التهامية والكلمات الشعرية التهامية فلم يكن يضع للوقت حساباً أو للراحة موعداً وكان يتنقل مسافراً صدره الواسع في استقبال كل الشعراء والملحنين ومهندسي الصوت بل كان يفرح أكثر والدنيا لا تسعه عندما كان يقصده أصحاب الوجوه الجديدة والواعدون من أصحاب المواهب الفذة والمبدعون وخاصة من الشباب الذين لم تتح لهم الفرصة في الظهور فكان يجلس معهم بالأيام واليالي والشهور فلا يغادرونه إلا وهم بلابل صداحة مغردة بما طاب ولذ وأمتع الآذان بسماع أصواتهم وهم يخرجون تلك القصائد والألحان الطيبة ذات الطابع التهامي ويرفع تكاليف إخراج أعماله سواءً في مناسبات أو أعراس أو على أشرطة كاسيت مستغلاً بذلك علاقته المتميزة والطيبة مع أصحاب المؤسسات الفنية الإنتاجية متنازلاً عن حقوقه في مقابل الوقوف إلى جانب من يقوم بإرسالهم على حسابه ووقف إلى جانبه في هذا الجانب مهندس الصوت من بيت الفقيه الملحن المعروف يوسف كاشه ليضع يده مع يد المرحوم أبو الغيث في إشهار وإعلان قيام وتكوين منتدى بلابل تهامة والذي من أهم أهدافه توثيق الأغنية التهامية والاهتمام بالمواهب والمبدعين.

إشهار منتدى بلابل تهامة
مهندس الصوت الأخ يوسف كاشه من مديرية بيت الفقيه أعز وأقرب أصدقاء المرحوم أبو الغيث حمود والذي يترأس حالياً بعد موت المرحوم أبو الغيث منتدى بلابل تهامة قال عن هذا الرجل العندليب من قاد الموشح والأغنية التهامية إلى شاطئ الأمان وعن منتدى بلابل تهامة الذي تم إشهاره في تلك الأيام الجميلة التي كان لا يفارق أحدها الآخر تحدث الأخ يوسف قائلاً: في حقيقة الأمر برغم بعد المسافات والطريق الطويل ما بين المدينة التي كان يسكنها المرحوم أبوالغيث ومسقط رأسه مديرية الزيدية ومابين المدينة التي أسكنها بيت الفقيه إلا أنه دائماً يحضرني ولا يفوت يوم إلا ونلتقي فيه إذا لم يكن جسداً فالصوت عبر الهاتف يوصلنا مع بعض عملنا معاً وعشت برفقة هذا الإنسان أعذب وأجمل وأحسن الأوقات قضيتها برفقته. كان بمثابة الأخ والصديق الصدوق والأب العطوف والمساند المرافق في السراء والضراء كنا معاً كالجسد الواحد وأفكارنا موحدة وأهدافنا واحدة والجيب واحد ولهذا فنحن بهذا التعاون الذي لا مثيل له عملنا وأنجزنا الكثير وتحققت معظم الأحلام التي كنا نعيشها برؤية واحدة وبفراقه فقدت الشيء الكثير ولم تعد لحياتي طعم من دون تلك الضحكات التي مازالت ترن وتصل إلى آذاني كلما تذكرتها ولا بتلك الهموم التي كنت أشاركه فيها ولا بذلك المرح ولابكل ما تحقق له الفضل بعد الله عزوجل في وجود هذا الكم الهائل من الوجوه الشابة والمبدعين والمواهب التي تمتلئ بهم الساحة الذين يتغنون ويغردون بأروع وروائع ما صدح وغروبه استاذهم ومعلمهم أبو الغيث حمود عمود وعندليب الشلة التهامية وواحد من رواد الموشحين والملحنين الذين كان لهم دورهم في ما وصلت إليه التهاميات من ظهور وبروز في الساحة ولولا تلك الجهود وذلك التوثيق وتلك الرعاية وكل الاهتمام ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من نجاحات وخاصة تلك الإنجازات التي تم تحقيقها لمنتدى بلابل تهامة والذي يرجع إليه الفضل في تواجده ومن وضع أهدافها وسعى في تحقيقها وبذر لنا البذرة التي سقيت بعرقه وسهره المتواصل حتى ظهرت على شكل وردة بيضاء في يد امرأة حسناء التي هي البلابل المغردة، فماذا أقول في حق هذا الرجل الذي كان مهضوماً في حياته وزاد هضمه من بعد مماته ممن لم يقدروا تلك الجهود ولم يضعوا لها أي اعتبارات ولم يخطر ببالهم حتى في تكريمه بعد مماته ممثلة في أولاده وأنا أهيب وأضع اللوم والمسؤولية كاملة على عاتق الاخوة في مكتب الثقافة بالمحافظة والاخوة في المركز الثقافي بالمحافظة وعلى سيادة الأخ المحافظ وعلى الوزارة والأخ الوزير بأن يقوموا بالواجب تجاه هذا الإنسان والعمل على تكريم أسرته ورد الجميل بالجميل كما أن هنالك بعض الأعمال له مازالت في إنتظار ظهورها وإلى الآن لم تر النور لعدم وجود ما يغطي تكاليف إخراجها ونحن الآن نقوم بالاعداد في تجهيز أبرز أعمالهم وروائع ما انتجه في عمل واحد وما نريده هو أن تقوم الجهات المعنية والمختصة في إخراجها إلى النور لتعود عائداتها لأولاده.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

4- قبائل تشترك مع الزرانيق في الأرض و التاريخ و المعتقد و الفلكلور و العادات و التقاليد و ارتضت الانضواء في الاتحاد الكونفدرالي " الزرانيق " لأغراض الحماية و المكاسب الاقتصادية