وإما
200-وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله « خذ العفو » يعني خذ ماعفي لك من أموالهم وما أتوك به من شيء فخذه وكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها وما انتهت إليه الصدقات قاله السدي وقال الضحاك عن ابن عباس « خذ العفو » انفق الفضل وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس « خذ العفو » قال الفضل وقال عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم في قوله « خذ العفو » أمره الله بالعفو والصفح هن المشركين عشر سنين ثم أمره بالغلظة عليهم واختار هذا القول ابن جرير وقال غير واحد هن مجاهد في قوله تعالى « خذ العفو » قال من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تحسس وقال هشام بن عروة عن أبيه أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس وفي رواية قال خذ ماعفى لك من أخلاقهم وفي صحيح البخاري « 4643 » عن هشام عن أبيه عروة عن أخيه عبد الله بن الزبير قال إنما أنزل خذ العفو من أخلاق الناس وفي رواية لغيره عن هشام عن أبيه عن ابن عمر وفي رواية عن هشام عن أبيه عن عائشة أنهما قالا مثل ذلك والله أعلم وفي رواية سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن هشام عن وهب بن كيسان عن ابن الزبير خذ العفو قال من أخلاق الناس والله لآخذنه منهم ماصحبتهم وهذا أشهر الأقوال ويشهد له مارواه ابن جرير وابن أبي حاتم جميعا حدثنا يونس حدثنا سفيان هو ابن عيينة عن أبي قال لما أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم « خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماهذا ياجبريل قال إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك وقد رواه ابن أبي حاتم أيضا عن أبي يزيد القراطيسي كتابة عن أصبغ بن الفرج عن سفيان عن أمي عن الشعبي نحوه وهذا مرسل على كل حال وقد روي له شواهد من وجوه أخر وقد روى مرفوعا عن جابر وقيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أسندهما ابن مردويه وقال الإمام أحمد « 4/148 » حدثنا أبو المغيرة حدثنا معاذ بن رفاعة حدثني علي بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامة الباهلي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته فأخذت بيده فقلت يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال فقال ياعقبة صل من قطعك واعط من حرمك وأعرض عمن ظلمك وروي الترمذي « 2406 » نحوه من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد به وقال حسن قلت ولكن علي بن يزيد وشيخه القاسم أبو عبد الرحمن فيهما ضعف وقال البخاري « 4642 » قوله « خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين » العرف المعروف حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ومكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورتهكهولا كانوا أو شبانا فقال عيينة لابن أخيه يابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه قال سأستأذن لك عليه قال ابن عباس فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر فدخل عليه قال هي يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل ولاتحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم أن يوقع به فقال له الحر يأمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم « خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين » وإن هذا من الجاهلين والله ماجاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله عز وجل إنفرد بإخراجه البخاري وقال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة أخبرنا ابن وهب أخبرني مالك بن أنس عن عبد الله بن نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر مر على عير لأهل الشام وفيها جرس فقال إن هذا منهي عنه فقالوا نحن أعلم بهذا منك إنما يكره الجلجل الكبير فأما مثل هذا فلا بأس به فسكت سالم وقال « وأعرض عن الجاهلين » وقول البخاري العرف المعروف نص عليه عروة بن الزبير والسدي وقتادة وابن جرير وغير واحد وحكى ابن جرير أنه يقال أوليته معروفا وعارفا وعارفة كل ذلك بمعنى المعروف قال وقد امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباده بالمعروف ويدخل في ذلك جميع الطاعات وبالإعراض عن الجاهلين وذلك وإن كان أمرا لنبيه صلى الله عليه وسلم فإنه تأديب لخلقه باحتمال من ظلمهم واعتدى عليهم لا بالإعراض عمن جهل الحق الواجب من حق الله ولا بالصفح عمن كفر بالله وجهل وحدانيته وهو للمسلمين حرب وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله « خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين » قال هذه أخلاق أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ودله عليها وقد أخذ بعض الحكماء هذا المعنى فسكبه في بيتين فيهما جناس فقال-خذ العفو وأمر بعرف كما أمرت وأعرض عن الجاهلين**ولن في الكلام لكل الأنام فمستحسن من ذوي الجاه لين-وقال بعض العلماء الناس رجلان فرجل محسن فخذ ماعفا لك من إحسانه ولاتكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه وإما مسيء فمره بالمعروف فإن تمادى على ضلاله واستعصى عليك واستمر في جهله فأعرض عنه فلعل ذلك أن يرد كيده كما قال تعالى « ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون » « وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون » وقال تعالى « ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم » أي هذه الوصية « وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم » وقال في هذه السورة الكريمة أيضا « وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم » فهذه الآيات الثلاث في الأعراف والمؤمنون وحم السجدة لارابع لهن فإنه تعالى يرشد فيهن إلى معاملة العاصي من الإنس بالمعروف بالتي هي أحسن فإن ذلك يكفه عما هو فيه من التمرد بإذنه تعالى ولهذا قال « فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم » ثم يرشد تعالى إلى الإستعاذة من شياطين الجان فإنه لا يكفه عنك الإحسان وإنما يريد هلاكك ودمارك بالكلية فإنه عدو مبين لك ولأبيك من قبلك قال ابن جرير في تفسير قوله « وإما ينزغنك من الشيطان نزغ » وإما يغضبنك من الشيطان غضب يصدك عن الإعراض عن الجاهل ويحملك على مجازاته « فاستعذ بالله » يقول فاستجر بالله من نزغه « إنه سميع عليم » سميع لجهل الجاهل عليك والإستعاذة به من نزغه ولغير ذلك من كلام خلقه لا يخفى عليه منه شيء عليم بما يذهب عنك نزغ الشيطان وغير ذلك من أمور خلقه وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لما نزلت « خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين » قال يارب كيف بالغضب فأنزل الله « وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم » قلت وقد تقدم في أول الإستعاذة حديث الرجلين اللذين تسابا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فغضب أحدهما حتى جعل أنفه يتمرغ غضبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقيل له فقال مابي من جنون « خ 3282 م 2610 » وأصل النزغ الفساد إما بالغضب أو غيره قال الله تعالى « وقل لعبادي يقولون التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم » والعياذ الإلتجاء والإستنار والإستجارة من الشر وأما الملاذ ففي طلب الخير كما قال أبو الطيب المتنبي في شعره-يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به مما أحاذره**لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ولا يهيضون عظما أنت جابره-وقد قدمنا أحاديث الاستعاذة في أول التفسير بما أغنى عن إعادته ها هنا
تعليقات
إرسال تعليق