التربية الإسلامية
9-رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ
يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب أي بينات واضحات الدلالة لا التباس فيها على أحد ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم فمن رد ما أشتبه إلى الواضح منه وحكم محكمه على متشابهه عنده فقد اهتدى ومن عكس إنعكس ولهذا قال تعالى « هن أم الكتاب » أي أصله الذي يرجع إليه عند الإشتباه « وأخر متشابهات » أي تحتمل دلالتها موافقة المحكم وقد تحتمل شيئا آخر من حيث اللفظ والتركيب لا من حيث المراد وقد اختلفوا في المحكم والمتشابه فروي عن السلف عبارات كثيرة فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمر به ويعمل به وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والسدي أنهم قالوا المحكم الذي يعمل به وعن ابن عباس أيضا أنه قال المحكمات قوله تعالى « قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا » والآيات وقوله تعالى « وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه » إلى ثلاث آيات بعدها رواه ابنأبي حاتم وحكاه عن سعيد بن جبير به قال حدثنا أبي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن إسحاق بن سويد أن يحيى بن يعمر وأبا فاختة تراجعا في هذه الآية وهي « أم الكتاب وأخر متشابهات » فقال أبو فاختة فواتح السور وقال يحيى بن يعمر الفرائض والأمر والنهي والحلال والحرام وقال ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير « هن أم الكتاب » يقول أصل الكتاب وإنما سماهن أم الكتاب لأنهن مكتوبات في جميع الكتب وقال مقاتل بن حيان لأنه ليس من أهل دين إلا يرضى بهن وقيل في المتشابهات المنسوخة والمقدم منه والمؤخر والأمثال فيه والأقسام وما يؤمن به ولا يعمل به رواه بن أبي طلحة عن ابن عباس وقيل هي الحروف المقطعة في أوائل السور قاله مقاتل بن حيان وعن مجاهد المتشابهات يصدق بعضها بعضا وهذا إنما هو في تفسير قوله « كتابا متشابها مثاني » هناك ذكروا أن المتشابه هو الكلام الذي كون في سياق واحد والمثاني هو الكلام في شيئين متقابلين كصفة الجنة وصفة النار وذكر حال الأبرار وحال الفجار ونحو ذلك وأما هاهنا فالمتشابه هو الذي يقابل المحكم وأحسن ما قيل فيه هو الذي قدمنا وهو الذي نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله حيث قال منه آيات محكمات فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم الباطل ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه قال والمتشابهات في الصدق ليس لهن تصريف وتحريف وتأويل إبتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق ولهذا قال الله تعالى « فأما الذين في قلوبهم زيغ » أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل « فيتبعون ما تشابه منه » أي إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة وينزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرفونه فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجة عليهم ولهذا قال الله تعالى « إبتغاء الفتنة » أي الإضلال لأتباعهم إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن وهو حجة عليهم لا لهم كما لو أحتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم وتركوا الإحتجاج بقوله « إن هو إلا عبد أنعمنا عليه » وبقوله « إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون » وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله وعبد ورسول من رسل الله وقوله تعالى « وإبتغاء تأويله » أي تحريفه على ما يريدون وقال مقاتل بن حيان والسدي يبتغون أن يعلموا ما يكون وما عواقب الأشياءمن القرآن وقد قال الإمام أحمد « 6/48 » حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم « هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات » إلى قوله « أولوا الألباب » فقال فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم هكذا وقع الحديث في مسند الإمام أحمد رحمه الله من رواية ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها ليس بينهما أحد وهكذا رواه ابن ماجة « 47 » من طريق إسماعيل بن علية وعبد الوهاب الثقفي كلاهما عن أيوب عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة عنها وكذا رواه محمد بن يحيى العبدي في مسنده عن عبد الوهاب الثقفي به وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب وكذا رواه غير واحد عن أيوب وقد رواه ابن حبان في صحيحه « 76 » من حديث أيوب به ورواه أبو بكر بن المنذر في تفسيره من طريقين عن أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي ولقبه عارم حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة به وتابع أيوب أبو عامر الخراز وغيره عن ابن أبي مليكة فرواه الترمذي « 2993 » عن بندار عن أبي داود الطيالسي عن أبي عامر الخراز فذكره ورواه سعيد بن منصور في سننه عن حماد بن يحيى عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة ورواه ابن جرير من حديث روح بن القاسم ونافع بن عمر الجمحي كلاهما عن ابن أبي مليكة عن عائشة وقال نافع في روايته عن ابن أبي مليكة حدثتني عائشة فذكره وقد روى هذا الحديث البخاري عند تفسيره هذه الآية « 4547 » ومسلم في كتاب القدر من صحيحه « 2665 » وأبو داود في السنة من سننه « 4598 » ثلاثتهم عن القعنبي عن يزيد بن إبراهيم التستري عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية « هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات » إلى قوله « وما يذكر إلا أولوا الألباب » قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رأيتم الدين يتبعونما تشابه منه فأولئك الذين سمى فاحذروهم لفظ البخاري وكذا رواه الترمذي « 2993 » أيضا عن بندار عن أبي داود الطيالسي عن يزيد بن إبراهيم التستري به وقال حسن صحيح وذكر أن يزيد بن إبراهيم التستري تفرد بذكر القاسم في هذا الإسناد وقد رواه غير واحد عن ابن أبي مليكة عن عائشة ولم يذكر القاسم كذا قال وقد رواه ابن أبي حاتم فقال حدثنا أبي حدثنا أبوالوليد الطيالسي حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري وحماد بن سلمة عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى « فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم وقال ابن جرير حدثنا علي بن سهل حدثنا الوليد بن مسلم عن حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت نزع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية « يتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حذركم الله فإذا رأيتموهم فاعرفوهم ورواه ابن مردويه من طريق أخرى عن القاسم عن عائشة به وقال الإمام أحمد « 5/262 » حدثنا أبو كامل حدثنا حماد عن أبي غالب قال سمعت أبا أمامة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى « فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه » قال هم الخوارج وفي قوله تعالى « يوم تبيض وجوه وتسود وجوه » قال هم الخوارج وقد رواه ابن مردويه من غير وجه عن أبي غالب عن أبي أمامة فذكره وهذا الحديث أقل اقسامه أن يكون موقوفا من كلام الصحابي ومعناه صحيح فإن أول بدعة وقعت في الإسلام فتنة الخوارج وكان مبدؤهم بسبب الدنيا حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين فكأنهم رأوا في عقولهم الفاسدة أنه لم يعدل في القسمة ففاجئوه بهذه المقالة فقال قائلهم وهو ذو الخويصرة بقر الله خاصرته إعدل فإنك لم تعدل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني فلما قفا الرجل استأذن عمر بن الخطاب وفي رواية خالد بن الوليد في قتله فقال دعه فإنه يخرج من ضئضئ هذا أي من جنسه قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وقراءته مع قراءتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم « خ 3610 م 1064 » ثم كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتلهم بالنهروان ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة ثم انبعث القدرية ثم المعتزلة ثم الجهمية وغير ذلك من البدع التي أخبر عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في قوله وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا وما هم يا رسول الله قال من كان على ما أنا عليه وأصحابي أخرجه الحاكم في مستدركه « 1/129 » بهذه الزيادة وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا أبو موسى حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا المعتمر عن أبيه عن قتادة عن الحسن بن جندب بن عبد الله أنه بلغه عن حذيفة أو سمعه منه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر إن في أمتي قوما يقرؤن القرآن ينثرونه نثر الدقل يتأولونه على غير تأويله لم يخرجوه وقوله تعالى « وما يعلم تأويله إلا الله » اختلف القراء في الوقف هاهنا فقيل على الجلالة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال التفسير على أربعة أنحاء فتفسير لا يعذر أحد في فهمه وتفسير تعرفه العرب من لغاتها وتفسير يعلمه الراسخون في العلم وتفسير لا يعلمه إلا الله ويروى هذا القول عن عائشة وعروة وأبي الشعشاء وأبي نهيك وغيرهم وقال الحافظ أبو القاسم في المعجم الكبير « 3442 » حدثنا هاشم بن مرثد حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله « وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به » الآية وإن يودوا ذا علمهم فيضيعوه ولا يبالون عليه غريب جدا وقال ابن مردويه حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا هشام بن عمار حدثنا ابن أبي حازم عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن ابن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضهبعضا فما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه منه فآمنوا به وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال كان ابن عباس يقرأ وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون آمنا به وكذا رواه ابن جرير عن عمر بن عبد العزيز ومالك بن أنس إنهم يؤمنون به ولا يعلمون تأويله وحكى ابن جرير أن في قراءة عبد الله بن مسعود إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به وكذا عن أبي بن كعب وأختار ابن جرير هذا القول ومنهم من يقف على قوله والراسخون في العلم وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول وقالوا الخطاب بما لا يفهم بعيد وقد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به وكذا قال الربيع بن أنس وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير وما يعلم تأويله الذي أراد ما أراد إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به ثم ردوا تأويل المتشابهات على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد فاتسق بقولهم الكتاب وصدق بعضه بعضا فنفذت الحجة وظهر به العذر وزاح به الباطل ودفع به الكفر وفي الحديث « خ 75 م 2477 » أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس فقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ومن العلماء من فصل هذا المقام قال التأويل يطلق ويراد به في القرآن معنيان أحدهما التأويل بمعنى حقيقة الشيء وما يؤول أمره إليه ومنه قوله تعالى « وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل » وقوله « هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله » أي حقيقة ما أخبروا به من أمر المعاد فإن أريد بالتأويل هذا فالوقف على الجلالة لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجلية إلا الله عز وجل ويكون قوله « والراسخون في العلم » مبتدأ و « يقولون آمنا به » خبره وأما إن أريد بالتأويل المعنى الآخر وهو التفسير والبيان والتعبير عن الشيء كقوله « نبئنا بتأويله » أي بتفسيره فإن أريد به هذا المعنى فالوقف على « والراسخون في العلم » لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الأعتبار وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه وعلى هذا فيكون قوله « يقولون آمنا به » حال منهم وساغ هذا وأن يكون من المعطوف دون المعطوف عليه كقوله « للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم » إلى قوله « يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا » الآية وقوله تعالى « وجاء ربك والملك صفا صفا » أي وجاء الملائكة صفوفا صفوفا وقوله إخبارا عنهم إنهم يقولون آمنا به أي المتشابه كل من عند ربنا أي الجميع من المحكم والمتشابه حق وصدق وكل واحد منهما يصدق الآخر ويشهد له لأن الجميع من عند الله وليس شيء من عند الله بمختلف ولا متضاد كقوله « أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا » ولهذا قال تعالى « وما يذكر إلا أولوا الألباب » أي إنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها أولو العقول السليمة والفهوم المستقيمة وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عوف الحمصي حدثنا نعيم بن حماد حدثنا فياض الرقي حدثنا عبد الله بن يزيد وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنسا وأبا أمامة وأبا الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم فقال من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه ومن عف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم وقال الإمام أحمد « 2/185 » حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما يتدارؤن فقال إنما هلك من كان قلبكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وإنما أنزل كتاب الله ليصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا به وما جهلتم فكلوه إلى عالمه وتقدم رواية ابن مردويه لهذا الحديث من طريق هشام بن عمار عن أبي حازم عن عمرو بن شعيب به وقد قال أبو يعلى الموصلي في مسنده « 6016 » حدثنا زهير بن حرب حدثنا أنس بن عياض عن أبي حازم عن أبي سلمة قال لا أعلمه إلا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نزل القرآن على سبعة أحرف والمراء في القرآن كفر قالها ثلاثا ما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه جل جلاله وهذا إسناد صحيح ولكن فيه علة بسبب قول الراوي لا أعلمه إلا عن أبي هريرة وقال ابن المنذر في تفسيره حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا ابن وهب أخبرني نافع بن يزيد قال يقال الراسخون في العلم المتواضعون لله المتذللون لله في مرضاته لا يتعاظمونمن فوقهم ولا يحقرون من دونهم ثم قال تعالى مخبرا عنهم أنهم دعوا ربهم قائلين « ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا » أي لا تملها عن الهدى بعد إذ أقمتها عليه ولا تجعلنا كالذين في قلوبهم زيغ الذين يتبعون ما تشابه من القرآن ولكن ثبتنا على صراطك المستقيم ودينك القويم « وهب لنا من لدنك رحمة » تثبت بها قلوبنا وتجمع بها شملنا وتزيدنا بها إيمانا وإيقانا « إنك أنت الوهاب » -بعض دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال ابن أبي حاتم حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي وقال ابن جرير حدثنا أبو كريب قالا جميعا حدثنا وكيع عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ثم قرأ « ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب » رواه ابن مردويه من طريق محمد بن بكار عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أم سلمة عن أسماء بنت يزيد بن السكن سمعتها تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر من دعائه اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت قلت يا رسول الله وإن القلب ليتقلب قال نعم ما خلق الله من بني آدم من بشر إلا إن قلبه بين أصبعين من أصابع الله عز وجل فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب وهكذا رواه ابن جرير من حديث أسد بن موسى عن عبد الحميد بن بهرام به مثله ورواه أيضا عن المثنى عن الحجاج بن منهال عن عبد الحميد بن بهرام به مثله وزاد قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي قال بلى قولي اللهم رب محمد النبي أغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ثم قال ابن مردويه حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا محمد بن هارون بن بكار الدمشقي حدثنا العباس بن الوليد الخلال أخبرنا يزيد بن يحيى بن عبيد الله أخبرنا سعيد بن بشير عن قتادة عن حسان الأعرج عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قلت يا رسول الله ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء فقال ليس من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن إذا شاء أن يقيمه أقامه وإذا شاء أن يزيغه أزاغه أما تسمعي قوله « ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب » غريب من هذا الوجه ولكن أصله ثابت في الصحيحين وغيرهما من طرق كثيرة بدون زيادة ذكر هذه الآية الكريمة وقد رواه أبو داود « 5061 » والنسائي « عمل 865 » وابن مردويه من حديث أبي عبد الرحمن المقرئ زاد النسائي وابن حبان وعبد الله بن وهب كلاهما عن سعيد بن أبي أيوب حدثني عبد الله بن الوليد التجيبي عن سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال لا إله إلا أنت سبحانك أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب لفظ ابن مردويه وقال عبد الرزاق « 2698 » عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عبادة بن نسي أنه أخبره أنه سمع قيس بن الحارث يقول أخبرني أبو عبد الله الصنابحي أنه صلى وراء أبي بكر الصديق رضي الله عنه المغرب فقرأ أبو بكر في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورتين من قصار المفصل وقرأ في الركعة الثالثة قال فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته يقرأ بأم القرآن وهذه الآية « ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا » الآية قال أبو عبيد وأخبرني عبادة بن نسي أنه كان عند عمر بن عبد العزيز في خلافته فقال عمر لقيس كيف أخبرتني عن أبي عبد الله قال عمر فما تركناها منذ سمعناها منه وإن كنت قبل ذلك لعلى غير ذلك فقال له رجل على أي شيء كان أمير المؤمنين قبل ذلك قال كنت أقرا « قل هو الله أحد » وقد روى هذا الأثر الوليد بن مسلم عن مالك والأوزاعي كلاهما عن أبي عبيد به وروى هذا الأثر الوليد أيضا عن ابن جابر عن يحيى بن يحيى الغساني عن محمود بن لبيد عن الصنابحي أنه صلى خلف أبي بكر المغرب فقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة قصيرة يجهر بالقراءة فلما قام إلى الثالثة إبتدأ القراءة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتمس ثيابه فقرأ هذه الآية « ربنا لا تزغ قلوبنا » الآية-وقوله « ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه » أي يقولون في دعائهم إنك يا ربنا ستجمع بين خلقك يوم معادهم وتفصل بينهم وتحكم فيهم فيما اختلفوا فيه وتجزي كلا بعمله وما كان عليه في الدنيا من خير وشر
تعليقات
إرسال تعليق