الشاعر والمفكر عبد الله البردوني
كان يحكي.. يبكي .. يجيب .. يُنادي
يدَّعي .. يشتكي .. يصافي.. يُعادي
مرحباً (سعيدُ) .. خذ نورَ عيني
أُسكتي .. هاتِ بُنْدُقي يا (عُبادي)..
غادَرتْ عمقَها البحارُ وجاءتْ
ركبتْ ظلَّها الرِّمالُ الحوادي
***
هل تخافينَ أنْ أموت؟ حياتي
لم تحقَّقْ شيئاً يثيرُ افتِقادي
كنتُ كالآخرينِ، أمشطُ شَعري
أنتقي بزَّتِي، أبيع كَسَادي
أشتري (رُبطةً)، وأصحو بكأسٍ
وبكأسٍ أُطفي شموع سُهادي
وأُوَالي بلا اعتقادٍ وأنوي
سحقَ مَنْ لم يتاجروا باعتِقادي
كلُّ هذا عمري … وعمرٌ كهذا
لا يساوي … عذابَ يومِ وِلادِي
***
إسقِني يا (صلاح) .. زدْ .. مَنْ دَعَاني؟
يا عيالَ الكلابِ: ردُّوا جَوَادي
كيف أقضي دَيْني وليسَ ببيتي
غير بيتي ومِعزفٌ غيرُ شادي
والذي كانَ والدي … صارَ طِفلي
من أُداري عنادَه أو عنادي؟
***
لبسَتْ قامةُ الرِّياحِ جَبينِي
نسيَ اللَّيلُ رجلهُ في وِسَادي
***
زوَّجت بِنتَها بعشرين ألفاً
باع (ناجي سعيد) (زيدَ الجَرَادِي)
كلُّ آتٍ مضى … أتى كلُّ ماضٍ
ضاع في كلِّ رايحٍ كلُّ غَادي
(ما كَفَى واحداً كَفى اثنين) .. قالوا،
أكلوني … ويحذرونَ ازدرادي
ولِأنِّي مُجوَّفٌ مثلُ غيري
بِعتُ وجهي لوجهِ مائِي وزادي
***
اليساريُّ رزقُ اليميني … وقالوا:
أجودُ الخُبزِ مِنْ طحينِ التَّعادي
من سيعطيَ (سَعداً) حُساماً بصيراً
ثالثُ السَّاعدينِ، ذيلٌ، حِيادي
***
ذات يومٍ كانت ممراتُ (صنعاء)
من نبيذٍ ومِنْ زهورٍ نوادي
تَتَهَادى النُّجومُ في كلِّ دربٍ
كالغوَاني، فأين ذَاكَ التَّهادي؟
سألوا من أنا … وصرَّحتُ باسمي
كاملاً … أنكروا بأنِّي (مُرَادي)
قُلت (إبِّي) .. (عَنْسِي) .. (زَبِيدِي) أشاروا:
الريالاتُ نسبتي وبلادي
أضحكَتْهُم كتابةُ اسمي … وفوراً
بَيَّضَتْ خُضرةُ النُّقُودِ مِدادِي
***
عنده نعجة فأمسى مديراً ..!
نهدُ أنثَى مؤهَّلٌ غيرُ عَادِي
الحليبُ الذي يُسمَّى جلوداً
طازجاتٍ.. أمسىَ سريرَ (ابنَ هَادي)
قَبلَ بدءِ الزَّواجِ طَلَّقْتُ .. صارتْ
كلُّ زوجاتِهِمْ .. خيولَ رقَادي
كانَ يخشى أبي فَسَادِي ويَبْني
يومَ عُرسي . رفضتُ .. عاش فَسَادِي
كنتُ أعتادُها (غَزَالاً) .. فأضْحَتْ
(فاتناً) .. وَدِّعِ الهَوَى يا فُؤادي
***
من أراد النَّجاةَ … ماتَ ليحيا
والذي لمْ يمُتْ … إلى الموتِ صادي
سَلَّحُونَا (شِيكيْ) وقالوا عليكُمْ
وعليكُمْ .. حسب القرارِ القِيادي
كان (يحيى) كالتَّيس يعدو ويثْغُو
و(مُثَنَّىْ) يُلقي خطاباً زِيادي
وهجَمْنَا .. مُتْنَا قليلاً … أفَقْنَا
موتُنَا كانَ مولِداً لا إرادي
ورجعنا … وللصخورِ عيونٌ
كالصَّبَايَا وللرَّوَابي أيادي
****
إنَّ تحت القناعِ والوجه وجهاً
يختفي تحت ظهرِهِ … وَهْوَ بادي
صاحبُ الوَاديَينِ ـ دونَ تَمَنٍّ ـ
نالَ ألفاً … وباعَ مليونَ وادي
***
بدءُ ليلي حُبٌّ، بدونِ عَشاءٍ
نصفُ يومي هوىً … وخبزٌ معادي
***
هل سأعتاد وجهَ غيري بوجهي؟
زَعَمُوا … رُبَّما أخونُ اعتيادي
قلتَ لي: أنْ ذا (أكيداً) ولكِنْ
أيُّ شيءٍ مؤكَّدٌ يا (حُمادِي)؟
***
آه … ماذا أريدُ؟ أدري وأنسى
ثم أنسى … أنِّي نسيتُ مُرَادي
***
كان يحكي … وفَتْحَتَا مُقْلتيهِ
مثلَ ثُقبينِ … في جدارٍ رَمَادِي
يناير 1974م
تعليقات
إرسال تعليق