الشاعر والمفكر عبد الله البردوني ثكلى بلا زائر

 

بناتُ عيسى وابنةُ المَغربِ
لَبِسنَ ألوانَ الرَّبيعِ الصَّبي

رَجِعْنَ بعدَ (النَّقشِ) مِنْ بابِنا
يَرْكُضنَ، يَضْحَكنَ، بلا مُوجبِ

ومَوْكَبَتْ (بِلقيس) مِنْ صِنْفِها
عَشراً، وقادت رحلةَ المَوْكِبِ

ورُحْنَ من سوقٍ إلى شارعٍ
على شظايا أعيُنِ العُزَّبِ

يَسخَرنَ حيناً مِنْ هوى مُعجبٍ
وتارةً يَبْحَثنَ عن مُعجبِ

يُبدينَ أطرافَ الحُلى عَنْوَةً
وغفلةً يُسْفِرنَ، للأجنبي

و(أمُّ نشوان) احتلَت فانثنت
حسناءَ، بينَ البِكرِ والثَّيِّبِ

***

فكيفَ ألقى العيدَ يا والدي؟
أقوى مِنْ النِّسيانِ ذِكرى أبي

جاءَتْ قُبيلَ الأمسِ أُمِّي (تُقَى)
في لهفةِ الأُمِّ، وعُنْفِ الغَبِي

فاحمرَّ مِنْ تقبيلِهَا مَدْمَعي
وانهدَّ من تربِيتِهَا، مَنْكِبِي

وهَدَّأتني أمسِ( وهَّاسةٌ)
يا بنتي ارتاحي غداً واطربي

لا تَحرمي طفليْكِ، عيديهِمَا
لاقيهِمَا فَرحى، ولو، جَرِّبي

ما أنتِ أولى امرأةٍ فارقَتْ
أباً، جرى هذا، لبنتِ النَّبي

***

ولفَّني ليلٌ كسولٌ، بلا
قلبٍ، بلا حلمٍ، بلا كوكبِ

وأصبحَ العيدُ فماجَ الصِّبَا
مِنْ ملعبٍ داوٍ، إلى ملعبِ

وثَرْثَرَ المِذياعُ، مِلء المَدى
يا عيدُ، يا عيدُ، ولَمْ يَتْعَبِ

واستنطقَ (الحيمي) فُنُغْرَافَهُ
وصاحَ وابناهُ مع (القعطبي)

زُمَرٌ وحشدٌ ها هُنا أوهُنا
مدافعٌ كالأحمقِ المُغَضبِ

لا، لَنْ أطُيقَ اليومَ أمواجَهُ
مِنْ صَخَبٍ عالٍ إلى أصخبِ

أغلقتُ بابَ البيتِ في وجهِهِ
فانسلَّ مِنْ شُبَّاكِهِ الأشيَبِ

هربت مِنْ تلويحِ كفَّيْهِ، مِنْ
عينيْهِ، فانثالَ على مَهْرَبي

كيفَ يَرى (ثكلى بلا زائرٍ)؟
وأينَ مِنْ أضوائِهِ أختبي

اليومَ (عيدُ اللهِ) يا والدي
فأينَ أنتَ اليومَ؟ تَهتَمُّ بي

تجيئُني قَبلَ الضَّحُى كي أرى
أثمارَ حُلمي في السَّنى المُذهبِ

تلتذُّ باسمِي تستجيدُ ابنتي
يُتَمتمُ ابني باسمِكَ الأعذبِ

تقولُ ( كَعْكِي) لم تَذُقْ مَثْلَهُ
(كقهوتي) في العُمْرِ لَمْ تشرَبِ

يُعيدُني تدليلُكَ المُشْتَهى
صبيَّةً كطائرِ الأَزْغبِ

زوَّارُ جاراتي أتَوْا وانثنوْا
وأنتَ لَمْ تُقبِلْ ولَمْ تَذْهَبِ

فرُحتُ أُضني البَحثَ فيمن مضى
أو مَنْ أتى عن وجهِكَ الطَّيِّبِ

لِكُلِّ بنتٍ والدٌ أو أخٌ
إلا أنا، يا ليتَ يَدري أبي

حتى أبو (سَعدى) أتى بعدَمَا
غابَ ثلاثينَ، ولَمْ يَكْتُبِ

وعادَ مِنْ (غانا) أخو (زهرةٍ)
وعمُّ (أروى) عاد من (يَثْرِبِ)

أبي، أتدري مَنْ يُنادي؟ أَمَا
تَشْتَمُّ ريحَ الدَّارِ كالغُيَّبِ

عَمِّي الذي أوصيتَهُ لا تَسَل
عن فرخةٍ، في ذمَّةِ الثَّعلبِ

لو شَمَّ كفِّي لاحتسى خاتمي
لو مسَّ رِجلي، لاحتوى جوربي

في آخرِ السَّبعينَ، لَكِنَّهُ
أصبى إلى اللَّدغِ مِنْ العقربِ

ومُتَّ أنتَ الغَضُّ، وابن البِلى
كالبغلِ، يا للمَوقفِ الأغرَبِ

كيفَ نَجَا اللِّصُّ وماتَ الَّذي
يستغفرُ اللهَ ولم يُذْنِبِ

عفواً، فلا تدري، ولا عِلْمَ لي
كيفَ يُعادي الموتُ أو يجتبي

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

4- قبائل تشترك مع الزرانيق في الأرض و التاريخ و المعتقد و الفلكلور و العادات و التقاليد و ارتضت الانضواء في الاتحاد الكونفدرالي " الزرانيق " لأغراض الحماية و المكاسب الاقتصادية