الشاعر والمفكر عبد الله البردوني هكذا أمضي
رجب 1378 هـ
سهدت وأصباني جميل سهادي
فأهرقت في النسيان كأس رقادي
وسامرت في جفن السهاد سرائرا
لطافا كذكرى من عهود وداد
ونادمت وحي الفنّ أحسو رحيقه
وأحسّو وقلبي في الجوانح صادي
إذا رمت نوما قلقل الشوق مرقدي
وهزّت بنات الذكريات وسادي
وهازجني من أعين اللّيل هاتف
من السحر في عينيه موج سواد
له شوق مهجور، وفتنه هاجر
وأسرار حيّ في سكون جماد
له تارة طبع البخيل وتارة
له خلق مطواع وطبع جواد
تدور عليه الشهب وسْنى كأنّها
بقيّة جمر في غضون رماد
***
لك الله يا بن الشعر كم تعصر الدجى
أغاريد عرس أو نحيب حداد
تنوح على الأوتار حينا وتارة
تغنّي وحينا تشتكي وتنادي
كأنّك في ظلّ السكينة جدول
يغنّي لواد أو ينوح لوادي
هو الشعر لي في الشعر دنيا حدودها
وراء التمنّي خلف كـــــلّ بعــــــاد
ألا فلتضق عنّي البلاد فلم يضق
طموحي وإن ضاقت رحاب بلادي
ولا ضاق صدري بالهموم لأنّها
بنات فؤاد فيه ألف فؤاد
ولا قهرت نفسي الخطوب وكم غدت
تراوحني أهوالها وتُغادي
***
قطعت طريق المجد والصبر وحده
رفيقي، ومائي في الطريق وزادي
وما زلت أمشي الدرب والدرب كلّه
مسارب حيّات وكيد أعادي
ولي في ضميري ألف دنيا من المنى
وفجر من الذكرى وروضة شادي
ولي من لهيب الشوق في حيرة السُّرى
دليل إلى الشأو البعيد وحادي
هو الصبر زادي في المسير لغايتي
وإن عدت عنها فهو زاد معادي
ولا: لم أعد عن غايتي، لم أعد ولم
يكفكف عناد العاصفات عنادي
فجوري عليّ يا حياة أو ارفقي
فلن أنثني عن وجهتي ومرادي
فإنّ الرزايا نضج روحي وإنّها
غذاء لتاريخي ووَرْيُ زنادي
***
سأمضي ولو لاقيت في كلّ خطوة
حسام "يزيد" أو وعيد "زياد"
ألا هكذا أمضي وأمضي ومسلكي
رؤوس شياطين وشوك قتاد
ولو أخّرت رجلي خطاها قطعتها
وألقيت في كفّ الرياح قيادي
فلا مهجتي منّي إذا راعها الشقا
ولا الرأس منّي إن حنته عوادي
ولا الروح منّي إن تباكت وإن شكا
فؤادي أساه فهو ليس فؤادي
هو العمر ميدان الصراع وهل ترى
فتى شقّ ميدانا بغير جهاد؟
تعليقات
إرسال تعليق