الشاعر والمفكر عبد الله البردوني صنعاني يبحث عن صنعاء
هذي العمارات العوالي
ضيعن تجوالي ... مجالي
حولي كأضرحةٍ مزورةٍ
بألوان الــلآلي
يلمحنني بنواظر الإسمنتِ
من خلف التعالي
هذي العمارات الكبارُ
الخرسُ ملآى كالخوالي
أدنو ولا يعرفنني
أبكي ولا يسألن: ما لي
وأقول: من أين الطريق؟
وهن أغبى من سُؤالي
* * *
كانت لعمِّي هاهنا
دارٌ تحيط بها الدوالي
فغدت عمارة تاجرٍ
«هندي» أبوهُ «برتغالي»
وهناك حصنُ تآمرٍ
كان اسمه «دار الشلالي»
وهناك دار عمالةٍ
كان اسمها «بيت العبالي»
وهنا قصور أجانبٍ
غُلفٍ كتجار الموالي
* * *
هل هذه صنعاء ...؟ مضت
صنعا سوى كسرٍ بوالي
خمسٌ من السنوات أجلَت
وجهها الحر «الأزالي»«1»
من أين يا إسمنت أمشي؟
ضاعت الدنيا حيالي
بيت ابن أختي في «معمَّر»
في «الفليحي» بيت خالي
أين الطريق إلى «معمَّر»؟
يا بناتي يا عيالي
وإلى «الفليحي» يا زحام
ولا يعي أو لا يبالي
بالله يا أماهُ دُلِّيني
ورَّقت لابتهالي
قالت: إلى «النهرين» ... قدَّامي
وأمضي عن شمالي
وإلى «القزالي» ثم أستهدي
بـ «صومعةٍ» قبالي
من يعرف «النهرين»؟ من
أين الطريق إلى «القزالي»«2»
* * *
من ذا هناك؟ مسافرٌ
مثلي يعاني مثل حالي
حشدٌ من العجلات يلهث
في السباق وفي التوالي
وهناك «نصرانيةٌ»
كحصان «مسعود الهلاليٍ»
وهناك مرتزقٌ بلا
وجهٍ على كتفيه «آلي»«3»
* * *
اليوم «صنعاء» وهي متخمة
الديار بلا أهالي
يحتلها السمار والغازي
ونصف الرأسمالي
من ذا هنا «صنعا» مضت
واحتلَّها كلُّ انحلالي
* * *
أمي! أتلقين الغزاة
بوجه مضيافٍ مثالي؟
لم لا تُعادين العدى ..؟
من لا يعادي لا يوالي
من لا يصارع ... لا نسائيَّ
الفؤاد ... ولا رجالي
إني أُغالي في محبةِ
موطني ... لم لا أُغالي؟
* * *
من أين أرجع ... أو أمُرُّ ...؟
هنا سأبحث عن مجالي
ستجدُّ أيامٌ بلا منفى
وتُشمس يا نضالي
وأحَبُّ فجرٍ ما يهلُّ
عليك من أدجى الليالي
3/5/1972 م
«1» «آزال»: الاسم التاريخي لمدينة صنعاء
«2» «معمر والنهرين والقزالي»: من أحياء صنعاء
«3» «آلي»: نوع من البندقيات
تعليقات
إرسال تعليق