الشاعر والمفكر عبد الله البردوني
هٰـهُنا كان يناجينا الغرام
ويناجي المستهامَ المستهامُ
هٰـهُنا رفّ بقلبينا الصبا
وتبنّانا التصافي والوئام
عقد الحبّ فؤادينا كما
يعقد الهدب إلى الهدب المنام
فتلاقينا بأحضان الصّفا
والصّبا خمر وثغر الحبّ جام
وتجاذبنا أحاديث الهوى
وسهرنا وليالينا نيام
وتمنّينا الأغاني واللّقا
في شفاه الكأس لحن ومدام
والصبابات الظوامي حولنا
تشرب اللّحن فيهتاج الأوام
هٰـهُنا غنّى الهوى الطفل لنا
وطواه هٰـهُنا عنّا الفطام
وانقضى صفو التلاقي وذوت
في صبا الحبّ أمانيه الجسام
وانتهى العهد كأنّ لم يبتدىء
أو تلاقى البدء فيه والختام
وانطفا فجر أمانينا ولم
ينطفِ الشوق ولم يخب الضرام
بدت اللّقيا وولّت هٰـهُنا
فعلينا وعلى اللّقيا السلام
ضمّنا هذا المقام المشتهى
ثمّ أقصاني وأقصاك المقام
فهنا يا أخت ناغينا الهوى
وهنا ولّى وغطّاه القتام
واختفى الأنس وذكراه على
مسرح العمر شعاع وظلام
ومن الحبّ ابتهاج وأسى
ومن الذكرى دموع وابتسام
كلّنا يهوى الهنا لكنّنا
كلّما رُمنا الهنا غاب المرام
ها أنا حيث التقينا وعلى
خاطري من صور الأمس ازدحام
أسأل الذكرى عن الحبّ وهل
للهنا في شرعة الحبّ دوام
ها أنا في منزل اللّقيا وفي
جوّه من عهدنا الفاني حطام
أسأل الصمت على الجدران هل
للهوى عهد لديه أو ذمام
ويكاد الصمت يروي حبّنا
قصّة لو طاوع الصمت الكلام
تعليقات
إرسال تعليق