الشاعر والمفكر عبد الله البردوني ترجمة رملية لأعراس الغبار
غريبةٌ يا طارئات مثلي
شريدةٌ مثلي ومثل أهلي
منقادةٌ مثلي لكل ريحٍ
رمل الفيافي أصلها وأصلي
لأنها رملية شبيهي
أتى غباراً نسلها ونسلي
كما التقى مستنقعٌ وقيحٌ
كأن تناجي زمرِها وطبلي!
***
مثلي بلا فعلٍ بلا تخلٍ
هل فِعلنا أخوى أم التخلي؟
مثلي بلا ماضٍ، وما يسمى
(مستقبلي) يأتي، يموت قبلي
غريبةٌ يا طارئات عني
وتلتحفن قامتي وظلي
من مقلتي تدخلن قبل فتحي
ومن فمي تخرجن بعد قفلي
تطبخن في قلبي عشاء موتي
وتبتردن في يدي، وأغلي
تقلن ما لا أبتغي بصوتي
تكتبن ما لا أرتأي وأمْلي
وليس لي ما أدعي لأني
أغمدت في قلبي: يدي ونَصلي
***
أيا التي سميتها بلادي
بلاد من؟ يازيف: لاتقل لي
بلاد من؟ ياعاقراً وأماً
ويا شظايا تصطلى وتَصلي
يا ظبيةً في عصمة (ابن آوى)
يا ثعلباً تحت قميصِ (مِشلي)
يا طفلة في أسرها تغني
ويا عجوزاً في الدجى تُفلِّي
يا حلوة دودية التشهي
يا بهرجاً من أشنع التحلي
***
همستِ للقواد: هاك صدري
وقلتِ للسكين: هاك طفلي
وللغراب: البس فمي وكفي
وللجراد: اسكن جذور حقلي
فهل تبَقّى الآن منكِ، مني
شيءٌ سوى لعلها، لعلي؟
***
إلى سوى هذا الزمان أهفو
إليه أضني سرعتي ومهلي
هل أمتطي نفّاثةً إليه
وتحت جلدي ناقتي ورحلي؟
هل أمتطي بغلاً كنصف حلٍ؟
قد يمتطي وجهي قذالُ بغلي؟
أيُّ الخطى أهدى إليه؟ أضحت
غايات عرفاني كبدء جهلي!
***
يا غير ما جرَّبته أجبني
ويا سوى تلك المنى أطلي
ويا حدود المستحيل ذوبي
ويا لغات الممكن اضمحلي
ويا التي يدعونها: (ظروفاً)
تحط ُّ أكداس الدُّمى وتُعلي
الموت بالحلوى لديك حذقٌ
وبالمدى ضربٌ من التسلي
من علَّم البوليس كيف يشوي
لحوم عشاق الحِمى ويقلي؟
***
من يحمل الرشاش فهو حرٌّ
في قتل آتي موطني وقتلي
يقول - إذ يمشي على الضحايا -:
ماذا هنا غطى لموعَ نعلي؟
لأن قتل (النفط) ذو فنونٍ
يُردي هنا، وها هنا يُصلِّي
هنا يُحَنِّي لحيةً ويدعو
هناك يرمي جلده المحلي
يبيع لوناً يشتري سواه
يريد تجديد اسمه فيبلي
تلك القبور المزمنات فيه
يظل يجلو حسنها ويطلي
***
يبدو عروساً، لا تقول ريح
لأختها: إن الزفاف رملي
تصغي إلى تصريحه الدواهي
وآخر الأزواج عنه يدلي
يغدو أصولياً بدون فقهٍ
يمسي حلولياً بلا تجلي
يشم ماذا تحلم العشايا
يصيح: هذا العصر صُنع بذلي
أهرقت في أوكاره عيوني
كي يرتدي هذا اللعين شكلي
لا تنفلت يا بحر من بناني
تجمعي يا أرض تحت رجلي
***
يا ريح: هل تعطين غير قشٍ؟
من أين؟ تأريخُ الرُّكام بعلي
غداً تراني أستهلُّ عهداً
لأنني ضيَّعتُ مُستهلي
***
في القلب شيءٌ – يا زمان - أقوى
لا تنعطف من أجله وأجلي
أحب ما تُولين من عطايا
- يا هذه الأيام - أن تُوَلِّي..
تعليقات
إرسال تعليق