الشاعر والمفكر عبد الله البردوني آخر الصمت
مثلما ينقل السَّأمْ
مقلتيهِ إلى القَدَمْ
يصبغ الليلُ ريشَهُ
يرتخي، يلبس الورَمْ
داخلاً فيه، خارجاً،
بادئاً، كلما اختتمْ
راقعاً وجهَ حارسٍ
بتلابيب متَّهمْ
راقماً كلما محا
ماحياً كلما رقَمْ
***
ينذر الصحْوَ: لا تقفْ
يزجر السُّهدَ: لا تنمْ
يا كرى طلِّق الرؤى
يا سُهاد اعشق الألَمْ
***
ما حكى السقفُ يا كوى؟
كيف أشواقه وكمْ؟
يا مقاهي مَن ادعَّى؟
يا دواوينُ مَن زعمْ؟
يا ممراتُ مَن مشى؟
يا دكاكينُ مَن جثمْ؟
هل صَبَتْ أيُّ حارةٍ؟
أيُّ مصباحٍ اقتحمْ؟
أيُّ بابٍ لجارهِ..
مدَّ حضناً أو ابتسمْ؟
***
عنتريٌّ على المنى
حاتميٌّ بلا كرَمْ
سبئيٌّ وما سبا
هاشميٌّ وما هشَمْ«*»
***
القناديلُ تحتهُ
مثل لا، ترتدي نَعمْ
شهوةُ البرق فوقهُ
كلسانٍ بدون فمْ
الرؤى في عيونهِ
حُفَرٌ مِن لظىً ودمْ
***
تبتدي كلُّ نجمةٍ
فيهِ من آخر العَدَمْ
تنحني تحضن الثَّرى
عالَماً ناله علَمْ
تدخل البدْءَ مثلما
يبحث الحبرُ عن قلمْ
فترى وجهَ حُلْمها
مثل نقشين مِن «إرمْ»
***
- هذه نجمة لها
جرأة الريح والحُممْ
تقرن الغور بالربى
و«جهيمان» بالحرَم
تلك أدهى وإن شكت
عشق جيرانِ ذي سلَمْ
تلك أقوى وإن علت
وجهها طاعةُ الخدمْ
تلك تبدو جديدةً
هل لها إخوة وعمْ؟
كيف تنوي ولا ترى
قلبَها أعيُن الظُّلَمْ
***
لم تعد تلك أنجمي
يا «سهى» ما الذي نَجَمْ؟
غيرت نهجها السما؟
أيُّ طيشٍ بها ألَمْ!
***
ما الذي ثَمَّ؟ هاجسٌ
خطّ حرفين وانكتمْ
خاطرٌ مرّ مِن هنا
شامَ برقين فانقسمْ
***
مثلما يُعشب الأسى
يشرب القهوةَ الندمْ
كجيوشٍ هزيمةٍ
ينصت الشارعُ الأصمْ
***
تحمل الريحَ كالعصى
قشةٌ أصبحت هرَمْ
تحتذي نأْمةَ الحصى
تكتسي كلَّ مزدَحمْ
ترتعي همسها كما
ترتعي صوفَها الغَنَمْ
***
يخرج اللون مِن، إلى
غير لونٍ ولا مَشَمْ
يفقد الهمُّ قلبَهُ
قبل أن يعرف الأهمْ
***
أيُّ صوتٍ له شذىً
أيُّ صمتٍ له حِكَمْ؟
أيُّ بَدْءِ له مدىً
يطلب الأبعد الأتمْ؟
***
الفراداتُ غربةٌ
كيف تنصبُّ في الأعمْ
هل تقوم السهول أو
تنحني قامةُ القِممْ؟
***
لا السؤال استراح، لا
أفصح الرَّدُّ، لا وجمْ
تحتسي كلُّ لحظةٍ
صَمتها يبدأ النغَمْ
1986
«*» سبأ وهاشم: روي أن سبأ حمل هذا اللقب الذي صار اسماً لكثرة ما سبأ أزقة الخمر للضيوف، هاشم بن عبد مناف كان اسمه عُمراً وفي سنة قحط أكثر من إقامة الولائم للناس الجائعين فقال فيه أحد الشعراء:
عُمر الذي هشم الثريد لقومهِ
ورجال مكة مسنتون جياعُ
فصار اسمة هاشماً لكثرة ما هشم الثريد، وعرف بلقبه هاشم حتى حل محل اسمه عُمر.
تعليقات
إرسال تعليق