الشاعر والمفكر عبد الله البردوني الطَّوَّاف

 

يا أهْلَ هَذِي المَآوِي .. مَنْ يُؤَاوِينِي؟!
حَوَافِرُ اللَّيلِ فَوْقِي كَالسَّكَاكِينِ

و أنْجُمُ اللّيلَةِ الحَدْبَا حَصَىً و دَمٌ
يسَّاكَبَانِ كَقُطعَانِ البَرَاكِينِ

و الرِّيحُ تَعْوِي و تَسْتَعْوِي الفِجَاجَ كَمَا
يَلُوذُ أنصَافُ مَوْتَى بالمَدَافِينِ

***

أنَا الغَرِيبُ .. و مِن أهلِ الدِّيارِ فَهَلْ
هُنَاكَ، أو هَاهُنَا بَابٌ يُوَاسِينِي

هذي البيوتُ إزَائِي قَعْرُ مَقبَرَةٍ
نَادَيْتُهَا .. أغْلَقَت أبوَابَهَا دُونِي

أَكُلُّ حَيٍّ أُوَافِيهِ سَيَلْفِظُنِي
أَكُلُّ قَفْرٍ إلى قَفْرَينِ يَنفِينِي

***

الآنَ مِن ريشِ تَطْوَافِي أُصِيخُ إلى
مَدِينةٍ مِن مَدَى صَوْتِي تُنَادِينِي

أؤمُّهَا .. أَغْتَذِي وَعْدَاً و أمْنِيَةً
أظْمَا إلَى أنْ أشُقَّ الصَّخْرَةَ اْسْقِينِي

***

هَل ذَاكَ صَوْتِي بسَمعِي؟ مَن وَعَاهُ كَمَا
وَعَيْتُهُ؟ و هوَ مِن قَلبي يُنَاجينِي

يَا عَمُّ هَل ذلِكَ الآتِي لِذَاك صَدَىً؟
مَاذا يُذَكِّرُنِي مِنِّي و يُنْسِينِي؟

قَلبي يُعَاكِسُ قَلْبي .. مَن أنَا؟ و لِمَن؟
و أيُّ بَعْضِي على بَعضِي يُقَوِّينِي؟

***

تَقُولُ صَوْتُكَ ها اسْمَعْ : مَن يَدُلُّ إلَى
رُكْنٍ يُغطّيكَ بي .. عَنِّي يُغَطِّينِي

مِن التَّسَكُّعِ آوَتْنَا مَوَاجعُنَا
يا لَيلُ مَن ذا يُؤَاوِي ريحَ تَشْرينِي

***

أُطِلُّ أدْعُوهُ جَهراً لاأراهُ .. أرَى
دَمِي أمَامِي كَقِندِيلٍ يُحَيِّينِي

يَقومُ يَقرَأُنِي مِن كُلِّ جَارحَةٍ
تُثنِيهِ قُنْبُلَةٍ .. هَيهَاتَ تُثنِينِي

فَنَلْتَقِي قَامَةً أقوَى، يُحَوِّطُنَا
تَلٌّ يُفَدِّيكَ، أقْمَارٌ تُعَلِّينِي

و هذهِ طَلْقَةٌ أخرَى .. سَأسْألُهَا
مَا سِرُّ مُطْلِقِهَا؟ مِن أينَ يَرْمِينِي؟!

هَل التي سَبقَتْهَا جَرَّحَتْكَ كَمَا
نقّتْ دَمِي مِن فسادِ المَاءِ والطِّينِ؟

لِذَا تَدَلَّيْتَ عُنْقُودَينِ مِن أَلَقٍ
قُرْبيْ .. فَأمْسَيتَ بُستَانَ البَسَاتِينِ

و هَل سَتَدْعُو الذي يَجْتَثُّنَا لَبِقَاً
صَفَّى قَوَامِي، و عَزّانِي لِيُحْيِينِي؟

مِن آخِر التِّسْعِ والتِّسْعِين أرْجَعَنِي
فِي لَحظَتَينِ إلى خَمْسِي و عِشرِينِي

***

كَمْ سِنُّ ذاكَ المُنَادِي يا (حُسَيْنُ)؟ لَهُ
صَبْرُ النَّبيِّينَ، أوْهَامُ المَجَانِينِ

فِي الأرضِ يَضربُ عَن أرضٍ بلا أحَدٍ
بلا سَمَاءٍ يُنَادِيهَا : أظِلِّينِي

هَل عَادَ يَومَاً إلينا؟ مِن هُنَاكَ دَعَا
فَتَىً تَمَرَّسَ بالدُّنيا و بالدِّينِ

أهلاً و رَحْبَاً، هُنا بَيْتِي .. تُشَرِّفُهُ
اللَّيلُ يَحْدُوكَ يَا "مُرْعِي" و يَحْدُونِي

هَل تَسْتَحِبُّ بلا خَوْفٍ تُرَافِقُنِي
عِشرينَ مِتراً إلى أقصَى المَيادِينِ؟

مَتَى ابْتَدَأنا طَريقَاً لا نُتَمِّمُهُ
هَل نَقبَل النَّقْصَ ياأدْرَى المَيَامِينِ؟

***

هَل خِلْتَ " بَيْتَ عُلايا " شِبهَ مُلْتَجَىءٍ؟
يُقالُ يَبْدُو فَقَيراً و هو قَارُونِي؟

أدْهَى السّياسَاتِ مِن مَجلُوب سُوقَتِهِ
قَالوا تُبَاعُ و تُشْرَى فِي الدّكَاكِينِ

أريدُ رَطلاً و نِصفَاً مِن بضَاعَتِهِ
هَل سُوقُهُ غَيرُ مُختَلِّ المَوَازينِ؟

***

أمَّا لُحَاهُ و أيْدِيهِ مُهَرَّبَةٌ
مِن عَرْفَجِ الوِتْرِ، مِن أشواكِ " يَبْرِينِ "

هَل كُنتَ حِينَ دَخَلْتَ البَابَ مُحْتَرِسَاً؟
أخَذْتُ خَوْفِي .. فَهَل أبتَاعُ تَأمِينِي؟

دَخَلْتُهُ .. لا نَأَى عَنِّي مَدَى قَدَمٍ
و لا دَنَا إصْبَعَاً مِنِّي يُلاقِينِي

***

سَمِعْتُ نَافِذَةً قَالَت لِجَارَتِهَا
عَلَيهِ سِيْمَا"جَكَرْتَا" و هو "سَيْئُونِي"

و قالَ رُكْنٌ لِثَانٍ : ذَاكَ مِن "حَرَضٍ"
تَظُنُّهُ مَغْرِبيَّاً، و هوَ " دَمُّونِي "

و قالَ لِي سَائِحٌ : هَل مَرَّ مِثلَهُمَا
غَانٍ و غَانِية شَتَّى الأفَانِينٍ؟

رَأيْتُهُ غَاب َفِيهَا مِثلَمَا غَرَبَت
فِيهِ، و غِبْتُ بنَعْلِي، مَن يُوَارِينِي

لِمْ لا تُهَنِّيهِمَا فِي فَجْرِ حُبِّهِمَا؟
قُل : لَيْتَهَا لِي، و ألقَى مَن يُهَنِّينِي

***

و مَرَّ كَهْلٌ فَأَوْمَى : هَل سَتَمْنَحُنِي
قِرْشَيْنِ، أرْبَعَةً؟ خُذْ نِصْفَ تَمْوِينِي

نَاوَلْتُهُ صُرَّةً فَارْتَدَّ يُخْبِرُهُم
هَذا خَطِيرٌ، و يَمْشِي كَالمَسَاكِينِ

فِي كَفِّهِ صَفْحَةٌ تَحْبُو الحُرُوفُ بهَا
حَبْوَ الصَّبيَّاتِ فِي بَدْءِ التمَارين

و دَسَّهَا مُبْدِيَاً أخرَى يُعَبِّؤهَا
مِيْمَاً و حَاءً، و يَاءً كَ(اْبْنِ خَلْدُونِ)

و قَالَتِ الحُلْوَةُ الحُبْلَى لِكَاهِنَةٍ
قَتْلِي أَوَانُ إيَابي جدُّ مَضمُونِ

غِيْبِي ثَمَانِينَ يَومَاً لَسْتِ قَاصِرَةً
سَتَطلقِين وَلِيداً غَيرَ مَقْرُونِ

و لا يُقَاسُ بهذا أو بذاكَ و قَد
يُظنُّ عنوَان آتٍ غَيرِ مَظنُونِ

و بَعدَ أنْ تَضَعِيهِ تَرْجِعِينَ لَهُم
حَدِيقَةً مَا عَلَيْهَا لَمْس مَفتُونِ

تُضَاحِكِينَ بوَجْهٍ غَيرِ مُنْكَشِفٍ
تُخَاصِرينَ ببَطنٍ غَيرِ مَبْطُونِ

بُولِيسُ " بَيْتِ عُلَيْبَا " كَالجُذُوعِ، و إن
طَالَت لُحَاهُم و دَبُّوا كَالعَرَاجينِ

قَالُوا لِمَن مَرَّ بَعدِي : عُدْ لِتُحْضِرَهَا
و اسْتَعْجِلَنْهَا بلا عُنْفٍ .. بلا لِينِ

و اسْتَجْوَبُوا " رَيْطَةً " كَمْ مِن يَدِي قَبَضَت؟
: خَمْسِينَ و ابْتَاعَ كِيلُوْهَيْنِ مِن تِينِي

لَوْ قُلْتُ لا، قَالَ : مَا فِي السُّوقِ مَضْيَفَةٌ
قَامُوسُهُ خُذْ و سَلِّمْ غَير مَمْنُونِ

لاقَيْتِهِ مِثلُ سَكْرَى وانْتَشَى فَرَحَاً؟
لأنَّهُ عَن أبي مِن بَعدِ تَسْنِينِي

هَاتِي دَرَاهِمَهُ، خُذْهَا فَمَا بيَدِي
إلاَّ يَدِي و هيَ إنْ مَدَّيْتَ تَكْفِينِي

فَأطْرَقُوا .. مَا دَرَوْا مَاذَا أحَاقَ بهِم
أُمُّ الشجَاعَةُ أنْثَى يَا "ابْنَ مَضْعُونِ"

قَالَت : أَلَاحَ لَكُم وَجهُ الحِسَاب فَلا
تُجَرِّبُونَا بأخرَى لعبَةَ الهُوْنِ

***

أنا كَغَيري و أنتُم مِثل غيرِكُمُ
تُزَيِّنُونَ عَلَيْكُم غَيرَ مَزْيُونِ

مَن بَاتَ زَوْجَ ثَلاثٍ فَوْقَ " أمِّ رَشَا "؟
مَنِ التي أرْكَبَتْهُ مَتْنَ صَالُونِ؟

مَن مِنْكُمُ قَالَ : أعْلَتْهُ كَفَاءَتُهُ؟
مَن قالَ : وَجهِي بنَعْلِ الحَظِّ عُرْبُونِي؟

مَن قَالَ : قَتْلُ رئِيسِ الأمْسِ رَفَّعَنِي
مِن سَجْنِ عَامٍ إلَى حُكْمِ المَسَاجينِ؟

هَذا "الأفَنْدِي" رَقَى .. أمْسَى الرَّقِيبَ عَلَى
دَخْلِ المَوَانِي، و مَخْرُوجِ المَخَازِينِ

كَمْ عُمْرُهُ؟ مَا وَشَى بَابٌ بمَوْلِدِهِ
و لا نَوَافِذُهُ بَاحَت بمَكنُونِ

أنتَ ابْنُ مَنْ يَا فَتَى؟ قَالَ : ابْنُ عَاصِفَةٍ
هُنَا رَمَتنِي و قَصَّت ريشَ تَبْيينِي

و اسْتَدْرَكَت فَأرَتْنِي بَيتَ والِدَتِي
قَصَدْتُهُ قَالَ : وَدِّعْ غَيرُ مَحْزُونِ

و اسْتَفْسَرَت خَاتِنَ الحَيَّيْنِ جَارَتُهُ
فَقَال : كَانَ أبُوهُ غَيرَ مَخْتُونِ

و مَا اْسْمُهُ؟ قَالَ : مَا تَدْرِيهِ مَدْرَسَةٌ
فَاسْتَنْبَأَتْ أَنَّهُ تِلميذُ لاتِينِي

و غَابَ عَشرَ سِنِينٍ مَا أفَادَ سِوَى
مَسْحَ النِّعَالِ، و إهْدَاءَ الفَسَاتِينِ

نَأى عَنِ الحَيِّ أمْيَالاً لأنَّ لَهُ
خَالٌ يُنَادِيهِ : مَلْعُونُ ابْنَ مَلُعُونِ

***

نَمَا إلى الشَّيْخِ أَنِّي شَاعِرٌ .. فَدَعَا
أمَانةَ الحِفظِ تُعْطِيهِ دَوَاوِينِي

و قَالَ مَن ظَنَّنِي : هَل هَاتَفَتْكَ " مُنَى "؟
: مَنَّتْ كَثِيرَاً و أرْجُو أنْ تُمَنِّينِي

و قالَ لِي صَحَفِيٌّ : هَل نَزِفُّ إلَى
شَيخِ المَعَالِي أتَمَّ الخُرَّدِ العِينِ

و أمَّنَت زَوْجَةُ المِذيَاع ضَاحِكَةً
و قَالَ مَن قَالَ : لَوْ قَصَّرْتُ يُقصِينِي

فَقُلْتُ : يَأْبَى هِجَائِي أنْ يَسِفَّ إلى
عِمَامَةٍ تَحتَهَا الشَّيخُ "ابن شَعْنُونِ"

إليَّ أهْدَى قَمِيصَاً لُبْسَ أرْبَعَةٍ
لِكَي أرَى كَيفَ لَمْ يَبْخَل بتَكْفِينِي

يا شَيخُ شَارَكْتُ " عِزْرَائيلَ " شَمْلَتَهُ
تِسعِينَ شَهرَاً، أُصَافِيهِ .. يُصَافِينِي

قَالَ الفَتَى أيْنَعَتْ عِشرُونَ مِن عُمُرِي
هُنَا، و مَا لاحَ لِي مَا أنتَ تُنْبِينِي

أنظُرْ إلى ذَلِكَ الدُّكَان .. لَيسَ بهِ
شَيءٌ؟ بإبْطَيْهِ أصنَاف الأقَانِينِ

نَعَم رَأيتُ قَفَاهُ عُنْقَ وَاحِدَةٍ
أمَا لَدَيهِ سِوَى خَمِرٍ و أفيُونِ؟

تِجَارَةُ المَوت و التَّمْوِيتِ رَائِجَةٌ
و النَّاسُ مَا بَينَ غَبَّانٍ و مَغبُونِ

هَل نَرْتَقِي التَّلَّ عُزْلاً؟ مَا أرَدْتَ، مَعِي
هَمٌّ عَنِ التَّلِّ و الوَادِي يُعَنّينِي

سِرْ بي إلى شَارِعِ المَأمُونِ : أيّهُمُ؟
هُم سِتَّةٌ لَيسَ فِيهِم أيُّ مَأمُونِ

ألا تَرَى لَمَعَانَ الدَّارِ نَقصُدُهَا
فَرْدَاً و أحْمِيكَ عَن بُعْدٍ و تَحْمِينِي

رَمَى إلى الدَّارِ عَينَيهِ و قَالَ هُنَا
حِصنٌ مَنِيعٌ و مَحْفُوفٌ بتَحْصِينِ

لاحَظْتُ أشبَاحَ جنٍّ حَوْلَ حَائِطِهِ
و أعْيُنَاً مِن ثُقُوبِ السُّورِ تَشْوِينِي

***

لِمْ لا تُبَادِئهُ بالتَّسلِيمِ؟ أمْنَحُهُ
مَن لاحَ أبدِي لهَ عُرْفِي و قَانُونِي

هَل ذَاكَ بَابٌ .. و أعْلَنْتُ السَّلامَ فَمَا
رَدّ الخَفِيرُ .. بلا دَاعٍ يُعَادِينِي

و شَبَّ صَفَّارَةَ التَّنْبيهِ فَاخْتَنَقَت
و رَاحَ يَنْشُرُنِي حَدْسَاً و يَطْوِينِي

فَأطلَقَ الحَارسُ النَّعْسَان وَاحِدَةً
مَعْهُودةً عِندَ خُدَّامِ السَّلاطِينِ

و احْتَثَّتِ الطَّلَقَاتُ الخَمْسُ أربَعَةً
تَنَاهَشُوهُ كَأنيَاب الشَّيَاطِينِ

***

كانَت تَصِرُّ المُدَى العَطْشَى بأَعْظُمِهِ
كَمَا يُوَسْوِسُ قَصرٌ غَيرُ مَسْكُونِ

و كَانَ يَنْظُرُ فِي بيضِ الحَصَى دَمَهُ
شِعْرَينِ مَا بَينَ مَنْثُورٍ و مَوْزُونِ

***

وأصْبَحَ السَّيِّدُ المَأمُونُ مُنْقَسِمَاً
بَينَ القَتِيلِ و بَينَ السِّينِ و السِّينِ

مَاذَا أقُولُ؟ إذا قَالُوا : أُرِيقَ دَمٌ
لَيْلاً عَلَى سَاحَتِي فِي عَامِ تَعْيينِي

اعلن " يسك " يا " يَريمِي " أنتَ يَا ابْنَ أبِي
سُدَّ النَّوَافِذَ هَامِسْهَا : أعِينِينِي

هَاتُوا القَتِيلَ كَمَا وَافَى بعِمَّتِهِ
لا تَتْرُكُوا حُمْرَةً، لا وَهْمَ تَدْخِينِ

***

هَذي حَقِيبَتُهُ مَشحُونةٌ كُتُبَاً
عُجمَ المَعَانِي فَصِيحَاتِ العَنَاوِينِ

عَرَفْتُهُ قَبلَ فَتْحِ "السّنْدِ" كَانَ فَتَىً
و اليَومَ كَالكَهْلِ مِن شُمّ العَرَانِينِ

و ما ادَّعَى "يَاسِريَّاً" لا مِنِ "اْبْنِ سَبَا"
و اليَوْمَ لا هِتْلَرِيَّاً لا سْتَالِينِي

يا "سَعْدُ" خُذْهُ عَلَى سَيَّارةِ ابْنِ أخِي
إلى مَمَرِّ "ابنِ آوَى" و السَّرَاحِينِ

مَرَّ الضُّحَى فَرَآهُ جُثّةً .. فَبَكَى
و خِلْتُهُ قَالَ صَمْتَاً مَن يُرَثّينِي

و لمَّ أشْتَاتَهُ المُلْقَاة مُنْحَنِيَاً
لَعَلَّ تَحْتَ الحَصَى خَفْقَاً سَيُغْنِينِي

***

مَنْ ذَا يُنَقِّرُ أضْلاعِي و جُمْجُمَتِي؟
هذي المَسَامِيرُ أُخْرَى عَكْس تَكوِينِي

رَفْرِفْ قَلِيلاً و طِرْ فَوْرَاً إلَى كَتِفِي
: أشرَقتُ مِن دَاخِلِي فَاهْتَاجَ "تَكوينِي"

هَلْ فِي عِظامِكَ ضِدَّ المَوْتِ ..أمْ بيَدِي
لَوْ كَانَ بي كَانَ أدْنَى مَن يُوَاتِينِي

لأنَّنِي زَمَنٌ قَبلَ الأُنَاسِ و مَا
يَدْرُونَ كُنْهِي، فَمَن ذَا سَوْفَ يُدْرِينِي؟

مَن أنَّثَ الجُمْعَةَ الأولَى مَضَى، وأتَى
يُذَكِّرُ السَّبْتَ .. مَن ذَا اخْتَارَ تَزْمِينِي؟

و اسْتَنَّ عِيدَاً و أسْمَاءً هُنَا و هُنَا
تَوَطَّنُوا، و أدَارَ الأفْقُ تَوْطِينِي

مَن أقْلَمُوهُ و مَن أعْطَوْهُ تَسْمِيَةً
كَالنَّاسِ، هَذَا "شَآمِي" ٌ و ذَا "كِيْنِي"

***

مَاذَا أُخَبِّرُ عَن رِيشِي و عَن فَلَكِي؟
مَن ذَا يُمَيِّزُ لَوْنِي مِن تَلاوِينِي

الآنَ تَمْضِي كَشحرُورٍ عَلَى فَنَنٍ
و سَوْفَ تَمْتَدُّ مِن حِينٍ إلى حِينِ

حَتَّى اْسْتَوَت قَبل نِصفِ اللَّيْلِ قَامَتُهُ
أشَارَ أوَّلُ نَجْمٍ مَن يُسَمِّينِي؟

و أسْرَعَ "الثَّوْرُ" و "المِيزَانُ" فَاخْتَلَفَا
إذْ قَالَ : هَذا "شبيراً" ذَاكَ "ذَا النُّونِ"

***

و حَنَّتِ الرِّيحُ باسْمِي كُلَّ رَابيَةٍ
و كُلُّ بَيْتٍ إلى بَيْتَيْنِ يَرْوِينِي

تَشُمُّ فِي قَهْوَةِ المَقْهَى شَذَى خَبَرِي
فِي أغْصُنِ القَاتِ يَحْلُو ذَوْقُ تَغْصِينِي

***

فِي كُلِّ جَمْعٍ أطَالُوا قِصَّتِي و إلَى
ألحَانِ قَلْبِي أضَافُوا غَيرَ تَلْحِينِي

و سَمّنُوا قِصَّتِي، هَذا يُضِيفُ لِذَا
فَعَدَّدُوا واحِدِي مِن بَعْدِ تَسْمِينِي

***

و قَدَّرَتْ نُسْوَةُ الحَارَاتِ مُرْتَحَلِي
يَغْدُو بصَنْعَاءَ، يُمْسِي آخِرَ "الصِّينِ"

مِنَ "الحُدَيْدَة" يَمْضِي لَحْظَتَيْنِ إلَى
"رُوْمَا" و فِيهَا يَرَى دُوْرَ "البَرَدُّوْنِي"

و قُلْتُ نَادَى شُبَاطَاً مَرَّتَيْنِ أتَى
طَوْعَاً و أرْكَبَهُ أكْتَافَ كَانُونِ

***

قَالَت "سُمَيَّةُ" : مَاأغبَى مَنَازِلَنَا
رَدَّتْ غَريبَاً يُحَيِّي بالرَّيَاحِينِ

فَهَل دَرَتْ مَن أضَاعَت أمْس حَارَتُنَا
حَفِيد "فَاطِمَةَ الزَّهْرَا" و "مَيْسُونِ"

و خَال "هِندٍ" و رَاعِي خَيْل آمِنَةٍ
و كانَ مِفتَاحُ مُوسَى عِندَ هَارُونِ

و قِيلَ أوْلاهُ نُوحٌ فُلْكَهُ فَرَقَى
عَن عَارِضِ الأرضِ أنْجَى نِصْفَ مَليُونِ

***

أينَ اخْتَفَى بَعْدَ نُوحٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ :
أعَرْتُهُ بَعدَ نُوحٍ بَعضَ مَاعُونِي

فِي كِسْرَوَانَ اخْتَفَى عَن كُلِّ طَائِفَةٍ
و ما ارْتَدَى "جَعْفَراً" أو وَجهَ " مَارُونِي"

***

و ذَاتَ يَوْمٍ دَعَانِي و انطَوَى بيَدِي
وُرَيْقَةً و يَرَاعَاً نِصفَ مَسْنُونِ

و قالَ : قُولِي لِمَن مَرُّوا و مَن قَطَنُوا
لَكُم و لِلطَّيْرِ أعنَابي و زَيْتُونِي

و مَرَّ عَنِّي كَمَا وَافَى مُفَاجَأةً
لَكنْ إلَى أين؟ أعْيَى الرِّيحَ تَخْمِينِي

و مَرَّ سِفْرٌ أَجَابُوا طَالِبيْنَ أبَاً
جَوّابَةً بَينَ شَطَّيْهِ ك" جيحُونِ "

كَالخِضْرِ حِيْنَاً و أحْيَانَاً يُرَى شَجَرَاً
و تَارَةً فَوْقَ طَيْرٍ غَيرِ مَيْمُونِ

سِفَرْجَلِيُّ الخُطَى بُنْيَانُ قَامَتِهِ
مِن أضْلُعِ الرِّيحِ .. مِن ألوَاحِ "بَيْنُونِ"

يَدْعُوهُ مَسْرَى الثَّوانِي كُلّ أُمْسِيَةٍ
"إسْكَنْدَرَ الفَتْحِ" لَكِنْ غَير مَقْدُونِي

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

4- قبائل تشترك مع الزرانيق في الأرض و التاريخ و المعتقد و الفلكلور و العادات و التقاليد و ارتضت الانضواء في الاتحاد الكونفدرالي " الزرانيق " لأغراض الحماية و المكاسب الاقتصادية