الشاعر والمفكر عبد الله البردوني
قيلَ عنْ «م .. ن» أضحى مُهِيلا
هل تحرّيتَ أنتَ؟ ما نفعُ قيلا؟
... إشْتَرى مرةً أمامي كتاباً
اسمهُ ... «كيفَ تقهرُ المستحيلا»
ومضى شاهراً لهُ، كأميرٍ
أُمويٍّ ... يَهُزُّ سيفاً صقيلا
راحَ يُومي إلى الوزاراتِ ... يحكي
لصديقينِ ... سوفَ نُشفي الغليلا
***
قلتُ هلْ صارَ ثائراً ... وعلى مَن
وهو مِنّا ... هل يصبحُ الهرُّ فيلا؟
ذاتَ يومٍ رأيتُهُ وَسْطَ مقهى
ورآني .. أَغْضى ومالَ قليلا
كانَ في حَلْقةٍ منَ الناسِ، يُبدي
مِن نزاهاتِهِ شروقاً بليلا
قسّمَ الثائرينَ صِنفينِ ... صِنْفاً
منفعيّاً، صِنْفاً نقيّاً أصيلا
لاحَ لي، كالمريبِ، لا بلْ تبدّى
كخطيرٍ، يُريدُ أمراً جليلا
***
دسَّ يوماً في جيبهِ شبهَ ظرفٍ
قُرمزيٍّ، لمحتُهُ مُستطيلا
مرة إشترى الجريدَةَ ... سمّى
نصْفها خائناً، ونصفاً دخيلا
«كي أنمّي أُمِّيَتي أشتريها»
أعجبَ العابرينَ، أرضى «خليلا»
صنّفَ الكاتبينَ ... هذا عميلاً
لعميلٍ، وذا دعاهُ العميلا
كانَ يرنو إليهِ، كلُّ رصيفٍ
مثلَ مَنْ يجتلي غُموضاً جميلا
***
سَكَنَ «القاعَ» مُدَّةً و«شُعُوباً»
نصفَ شهرٍ وحلَّ شهراً «عَقيلا»
أجّرَ الدُّورَ، باسم بنتِ أخيهِ
وأكترى في «المطيطِ» بيتاً نحيلا
***
وعلى الذكرِ ... كمْ لديهِ بيوتٌ ..؟
تِسعةٌ ... هل تراهُ رقماً ضئيلا؟
ابتنى منزلينِ، وهوَ وزيرٌ
سبعةً عندما تولّى وكيلا
كانَ لِصّاً محصَّناً، إن تولّى ...
وطنّياً إذا غَدا مستقيلا
يشتهي الآنَ مَنْصباً ... ذاكَ سهلٌ
وهو يدري إلى الوصولِ السبيلا
***
علَّ أسيادَهُ الذينَ امتطوهُ
أنفذوهُ ... بلْ واستَجادوا البديلا
لم يكنْ ثائراً، على أيِّ حالٍ
إنما قدْ يُثوِّرُ الآنَ جيلا
يَسْتَفِزُّ الركودَ أيُّ ضجيجٍ،
أوَّلُ الانفجارِ يبدو فتيلا
***
خمسةٌ يقبضونَ فوراً عليهِ
احتياطاً ... لقد مَلَكْنا الدّليلا
سيدي ... لم نجدْهُ في أيِّ شبرٍ!!
ابحثوا جيداً ... بَحَثْنا طويلا
هاتِ «م ... خ» ثلاثينَ عَيْناً
انتخبْ أنتَ ... من تراهُ كفيلا
لمْ نجدْهُ، يقولُ عنهُ أناسٌ
إنّهُ كالرياحِ، يهوى الرحيلا
لمْ نجدْهُ، صوتٌ «قبضنا عليهِ
ألبسوهُ، سوطاً وقيداً ثقيلا
أنزلوهُ زنزانَةً، أنتَ أدرى
يا أبا الضربِ، كيفَ ترعى النزيلا»
***
كيفَ تلقى يا «م ...ن» خلاصاً
ساءني أنْ أرى العزيزَ ذليلا
أنتَ أغْلى أحبّتي من زمانٍ
كُنتَ شهماً، وما تزالُ نبيلا
إنَّ عنديْ رأياً، عسى تَرْتضيهِ
ليسَ مِنْ عادتي أردّ الزميلا
منزلاً للمديرِ، أُكتبْهُ بَيْعاً
سوفَ يُنْجيكَ ... هلْ تموتُ بخيلا؟
***
لمْ يوافقْ ... إضربْهُ حتى تُلاقي
نِصفَهُ ميِّتاً، ونصفاً عليلا
***
وهنا ضجَّ حارسٌ، كان يُصغي:
ما لكمْ يأكُلُ المثيلُ المثيلا
مثلكمْ كانَ ثائراً، فرجَعْتمْ
نصفَ ميِلٍ، فتابَ وارتدَّ مِيلا
كلُّ ما بينكمْ ... سقطتمْ عُراةً
وهوى حامِلًا رداءً غسيلا
هل تُريدونَ قتلهُ؟ ماتَ يوماً
مثلكمْ ... كيفَ تقتلونَ القتيلا؟
أغسطس 1975م
«القاع» «شعوب» «عقيل» «المطيط» أسماء احياء في صنعاء .. ويسمى الأخير مضافا «شارع المطيط».
تعليقات
إرسال تعليق